القصد في حدّ الكلام ؛ لأنّه إنّما يحترز به عن حديث السّاهي والنّائم
والمجنون ، والصّادر من هؤلاء يخرج بقيد الإفادة ؛ لأنّ مثل هذا لا يفيد بوجه. ولو
قال النّائم : زيد قادم مثلا ووافق ذلك قدومه ، فالفائدة لم تحصل من إخباره ،
وإنما حصلت من مشاهدة القدوم». انتهى [١].
ومناقشة ابن
الضائع لا تبعد عن الصواب ، إلا أن يقال : المراد بالكلام المفيد ما صورته صورة ما
يحصل منه فائدة ، أي : ما من شأنه أن يفيد ، ولا يلزم إفادته من ذلك المحل بخصوصه.
ولا شك أن قول النائم : قام زيد مثلا شأنه ذلك ؛ فهو داخل إلى أن يخرج بقيد القصد.
وقال
الشيخ : «قد فهم من كلام ابن الضائع أنّه لا تشترط في الإفادة
قصد المتكلم إيّاها. إنّما يشترط فيها أن تكون على هيئة التركيب الموضوع في لسان
العرب ، وكثير من النحويين لم يعتبروا في حدّ الكلام سوى التركيب الإسنادي فقط ،
ولم يشترطوا الإفادة ولا القصد». انتهى [٢].
وما ذكره من
الفهم المذكور غير ظاهر ؛ لأن من جعل القصد قيدا إنما احترز به عما يفيد بغير قصد
مثل كلام النائم.
وابن الضائع
منع أن يكون ذلك مفيدا ؛ فلم يحتج إلى ذكر القصد ، ولا شك أن كلام غير النائم
والساهي والمجنون يصحبه القصد ، فلا يقال : إنه لا يشترط القصد ؛ لأن ذلك يوهم أن
الكلام قد يخلو عنه ، وليس كذلك.
وأوهم استدراجه
في الكلام إلى أن الفائدة غير مشروطة عند كثير من النحويين أن ابن الضائع لا
يشترطها أيضا ، وقد تبين خلاف ذلك. ـ
ـ النحو وكان متقدما
فيه. ومن أساتذته الشلوبين. عاش في القرن السابع الهجري وقارب السبعين عاما ، حيث
توفي سنة (٦٨٠ ه).
مصنفاته :
له مخطوط كبير عظيم ، وهو شرح الجمل بدار الكتب المصرية ، وهو أجزاء ثلاثة من عدة
نسخ يكمل بعضها بعضا ؛ لأنها مهلهلة. قال السيوطي : وله شرح كتاب سيبويه وهو عجيب
، جمع فيه بين شرح السيرافي وابن خروف ، كما أن له كتبا أخرى فيها اعتراضات وردود
على ابن عصفور وابن الطراوة والبطليوسي ، انظر في ترجمته : بغية الوعاة (٢ / ٢٠٤)
الأعلام (٥ / ١٥٤).