(هذا) إنما أشار إلى ما أجمع عليه رأيه ووجه إليه عزمه ؛ لأنه
رتب في نفسه أمرا وقصد إيراده على وجه مخصوص ، وكيفية معتبرة فصار مقصوده من ذلك
لقوة أسبابه عنده وتمكنه من إبرازه ـ في حكم الوجود الحاضر فعومل في الإشارة إليه
معاملته.
وقد تكلم الناس
على كلمة (هذا)
من قول سيبويه
ـ رحمهالله «تعالى» [٢] ـ : هذا باب علم ما الكلم من العربيّة [٣]. فقيل : استعملها غير مشير بها ؛ ليشير بها عند الحاجة
وقيل : أشار إلى شيء وإن لم يكن موجودا ؛ لأنه متوقع قريب ، وقيل : أشار إلى ما في
نفسه من مقصود الباب. وذلك حاضر عنده [٤]. فقد يقال : هذه الأقوال هنا أيضا ، ولكن الأولى ما
أشرنا إليه [٥] ، وإياه قصد صاحب القول الثالث.
وأما ما قيل من
أن سيبويه وضع الباب أولا ثم وضع الترجمة ، فلا يتأتى هذا ؛ لقول المصنف في آخر
الخطبة : (وها
أنا ساع فيما انتدبت إليه) ، فدل على أنه وضعها أولا.
(كتاب) هو مصدر في الأصل فقد يقال : المراد به هنا المكتوب [١
/ ٥]
[١] شرح ناظر الجيش
هذه الخطبة المثبتة في التسهيل شرحا عظيما وافيا بالمراد ، بلا اختصار مخل أو
تطويل ممل ، لم يثبتها ابن مالك في شرحه على التسهيل وبالتالي لم يشرحها ، وكان
الأولى بأبي حيان في شرحه أن يثبتها ويشرحها ، ولكنه لم يفعل.
وسيبويه إمام النحاة بلا مجادل وعلمهم
المشهور يعرفه كل من خطا خطوة في طريق النحو ، وهو عمرو بن عثمان أبو بشر الملقب
بسيبويه. كتبت فيه كتب كثيرة ، وشرح كتابه شراح كثيرون ، ولد بإحدى قرى شيراز سنة (١٤٨
ه) ورحل إلى بغداد والبصرة وكان إمام النحاة البصريين إلا أنه مات شابّا سنة (١٨٠
ه). ترجمته مفصلة في كتب التراجم كلها. وانظر : نزهة الألباء (ص ٦٠) ، بغية
الوعاة (٢ / ٢٢٩) الأعلام (٥ / ٢٥٢).
[٣]انظر : كتاب
سيبويه (١ / ١٢) ، (طبعة هارون) وقد صدّر سيبويه أبواب الكتاب كلها بكلمة : هذا.
[٤]انظر في هذه
الآراء الثلاثة شرح كتاب سيبويه للسيرافي (١ / ٤٥) الهيئة المصرية العامة للكتاب
تحقيق د / رمضان عبد التواب. وانظر أيضا هامش كتاب سيبويه (١ / ١٢) تحقيق عبد
السّلام هارون.
[٥] وهو أن ابن مالك
يريد ما في نفسه من مقصود الباب ، وما عقد عليه عزمه من تأليف العلم وتصنيفه.
اسم الکتاب : شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد المؤلف : ناظر الجيش الجزء : 1 صفحة : 113