اسم الکتاب : الممتع في التّصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 106
انفعل : ولا
يكون متعدّيا أبدا ، وإنما يجيء في كلام العرب للمطاوعة ، وقد تقدّم تفسير
المطاوعة ، والمطاوعة فيها تكون بوجهين. إمّا بأن تريد من الشيء أمرا ما ، فتبلغه
بأن يفعل ما تريده ، إن كان ممّا يصحّ منه الفعل ، وإمّا بأن يصير إلى مثل حال
الفاعل الذي يصحّ منه الفعل ، وإن كان لا يصحّ الفعل منه ، فأمّا ما يطاوع ، بأن
يفعل فعلا تريده منه ، فنحو قولك «أطلقته فانطلق» و «صرفته فانصرف» ؛ ألا ترى أنه
هو الذي فعل الانطلاق والانصراف بنفسه ، عند إرادتك إياهما منه ، أو بعثك إيّاه
عليهما ، وأمّا ما تبلغ منه مرادك ، بأن يصير إلى مثل حال الفاعل الذي يصحّ منه
الفعل ، فنحو قولك «قطعت الحبل فانقطع» و «كسرت الحبّ فانكسر» ؛ ألا ترى أنّ الحبل
والحبّ لا يصحّ منهما الفعل ؛ لأنه لا قدرة لهما ، فإنما أردت ذلك منهما ، فبلغته
بما أحدثته أنت فيهما ، لا أنهما توليّا الفعل ؛ لأنّ الفعل لا يصحّ من مثلهما ،
ومن قلك قوله : لا خطوتي تتعاطى غير موضعها ولا يدي في حميت السّمن تندخل ، هو
مطاوع «أدخلته» ، وهو من باب «انقطع الحبل» ؛ لأنّ اليد لا تكون فاعلة ، إنما هي
آلة يفعل بها.
واعلم أنّ «انفعل»
إنما أصله من الثلاثيّ ، ثم تلحقه الزّيادتان من أوّله ، نحو «قطعته فانقطع» و «سرحته
فانسرح» ، ولا يكاد يكون «فعل» منه إلّا متعدّيا حتى تمكن المطاوعة والانفعال ؛
ألا ترى أنّ «قطعته» و «كسرته» متعدّيان ، قال أبو عليّ : وقد جاء «فعل» منه غير
متعدّ ، قال الشاعر :
وإنما هو مطاوع
«هوى» إذا سقط ، وهو غير متعدّ ، كما ترى.
وجاء في هذه
القصيدة «منغوي». قال أبو عليّ : إنما بنى من «غوى» و «هوى» منفعلا ، بضرورة
الشعر.
ويجوز عندي أن
يكون «منغو» و «منهو» مطاوعين لـ «أغويته» و «أهويته» ، فيكون مثل «أدخلته فاندخل»
و «أطلقته فانطلق». ولا يكونان ، على هذا ، شاذّين.
افتعل : تكون
متعدّية ، وغير متعدّية. فالمتعدّية نحو «اكتسب» و «اقتلع». وغير المتعدّية نحو «افتقر»
و «استقى». ولها ستّة معان :
أحدهما :
المطاوعة ، فتكون إذ ذاك بمعنى «انفعل» وذلك قليل فيها ، نحو «شويته
[١]البيت من البحر
الطويل ، ليزيد بن الحكم ، في كتاب سيبويه ٢ / ٣٧٤ ، والعقد الفريد ٢ / ٢٩٥ ،
والأمالي في لغة العرب ١ / ٦٨ ، والأغاني ١٢ / ٣٤٤ ، والخصائص لابن جني ٢ / ٢٥٩.
اسم الکتاب : الممتع في التّصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 106