النظر ؛ إذ ليس غرضنا فيه الرفع ، والنصب ، والجرّ ، والجزم ؛ لأن هذا أمر
قد فرغ فى أكثر الكتب المصنّفة فيه منه. وإنما هذا الكتاب مبنىّ على إثارة معادن
المعانى ، وتقرير حال الأوضاع والمبادى ، وكيف سرت أحكامها فى الأحناء والحواشى.
فقد ثبت بما
شرحناه وأوضحناه أنّ الكلام إنّما هو فى لغة العرب عبارة عن الألفاظ القائمة
برءوسها ، المستغنية عن غيرها ، وهى التى يسميها أهل هذه الصناعة الجمل ، على
اختلاف تركيبها. وثبت أنّ القول عندها أوسع من الكلام تصرّفا ، وأنه قد يقع على
الجزء الواحد ، وعلى الجملة ، وعلى ما هو اعتقاد ورأى ، لا لفظ وجرس.
وقد علمت بذلك
تعسّف المتكلّمين فى هذا الموضع ، وضيق القول فيه عليهم ، حتى لم يكادوا يفصلون
بينهما. والعجب ذهابهم عن نصّ سيبويه فيه ، وفصله بين الكلام والقول.