فينبغى ـ على هذا ـ أن
يكون أسعد من سعدى كأسلم من بشرى. وذهب بعضهم إلى أنّ أسعد تذكير سعدى ، ولو كان
كذلك لكان حرى أن يجيء به سماع ، ولم نسمعهم قطّ وصفوا بسعدى ، وإنما هذا تلاق وقع
بين هذين الحرفين المتّفقى اللفظ ، كما يقع هذان المثالان فى المختلفيه (١) ؛ نحو
أسلم ، وبشرى.
وكذلك أيهم
ويهماء ليسا كأدهم ودهماء ؛ لأمرين : أحدهما أن الأيهم الجمل الهائج ، (أو السيل)
واليهماء الفلاة ؛ فهما مختلفان. والآخر أنّ أيهم لو كان مذكّر يهماء لوجب أن يأتى
فيهما (يهم) كدهم ، ولم نسمع ذلك ؛ فعلمت بذلك أن هذا تلاق بين اللغة ، وأنّ أيهم
لا مؤنّث له ، ويهماء لا مذكّر لها.
ومن التلاقى
قولهم فى العلم : أسلم وسلمى. وليس هذا كالأكبر والكبرى ؛ لأنه ليس وصفا. فتأمّل
أمثاله فى اللغة. ومثله شتّان ، وشتّى ؛ إنما هما كسرعان وسكرى.
وإنما وضعت من
هذا الحديث رسما لتتنبّه على ما يجيء من مثله ، فتعلم به أنه توارد وتلاق وقع فى
أثناء هذه اللغة عن غير قصد له ، ولا مراسلة بين بعضه وبعض.
وليس من هذا
الباب سعد وسعدة ؛ من قبل أن هاتين صفتان مسوقتان على منهاج واستمرار. فسعد من
سعدة ؛ كجلد من جلدة ، وندب [٢] من ندبة. ألا تراك تقول : هذا يوم سعد ، وهذه ليلة سعدة
؛ كما تقول : هذا شعر جعد ، وهذه جمّة جعدة. فاعرف ذلك إلى ما يليه ، وقسه بما
قرّرته عليه ، بإذن الله تعالى.
* * *
[١] قول ابن جنى فى
اللسان والتاج (سعد) بهذا اللفظ.
[٢] رجل ندب : خفيف
فى الحاجة ، سريع ، ظريف ، نجيب ؛ وكذلك الفرس ، والجمع ندوب وندباء. اللسان (ندب).