وهو راجع إلى
معنى بلو سفر ، وقالوا : فلان مبلوّ بمحنة ، وغير ذلك ، والأمر فيه واضح ؛ وناقة (عليان)
من علوت أيضا كما قيل لها : ناقة سناد ، أى أعلاها متساند إلى أسفلها ، ومنه سندنا
إلى الجبل أى علونا ؛ وقال الأصمعى قيل لأعرابىّ : ما الناقة القرواح؟ فقال : التى
كأنها تمشى على أرماح ، ودبّة (مهيار) ، من قولهم هار يهور ، وتهور الليل ؛ على أن
أبا الحسن قد حكى فيه هار يهير ، وجعل الياء فيه لغة ؛ وعلى قياس قول الخليل فى
طاح يطيح ، وتاه يتيه ، لا يكون فى يهير دليل ؛ لأنه قد يمكن أن يكون : فعل يفعل ،
مثلهما. وكلّه لا يقاس ؛ ألا تراك لا تقول فى جرو : جرى ، ولا فى عدوة الوادى :
عدية ، ولا نحو ذلك. ولا يجوز فى قياس قول من قال عليان ، ومهيار ، أن تقول فى
قرواح [١] ودرواس [٢] : قرياح ودرياس [٣] ، وذلك لئلا يلتبس مثال فعوال بفعيال ، فيصير قرياح
ودرياس كسرياح ، وكرياس. وإنما يجوز هذا فيما كانت واوه أصليّة لا زائدة ، وذلك أن
الأصلىّ يحفظ نفسه بظهوره فى تصرّف أصله ؛ ألا تراك إذا قلت : علية ثم قلت : علوت
وعلوّ وعلوة وعلاوة ويعلو ونحو ذلك ، دلّك وجود الواو فى تصرف هذا الأصل على أنها
هى الأصلية وأن الياء فى علية بدل منها ، وأنّ الكسرة هى التى عذرت بعض العذر فى
قلبها ؛ وليس كذلك الزائد ؛ ألا تراه لا يستمرّ فى تصرف الأصل استمرار الأصلىّ ،
فإذا عرض له عارض من بدل أو حذف لم يبق هناك فى أكثر الأمر ما يدل عليه وما يشهد
به ؛ ألا تراك لو حقّرت قرياحا بعد أن أبدلت واوه ياء على حذف زوائده لقلت : قريح
، فلم تجد للواو أثرا يدلّك على أن ياء قرياح بدل من الواو ؛ كما دلّك علوت ، وعلو
، ورجل معلوّ بالحجّة ، ونحو ذلك على أنّ ياء «علية» بدل من الواو.
فإن قلت : فقد
قالوا فى قرواح : قرياح أيضا ، سمعا جميعا ، فإن هذا ليس على إبدال الياء من الواو
؛ لا ، بل كلّ واحد منها مثال برأسه مقصود قصده. فقرواح
(بلى). ويروى :
وأبلاهما بدلا من : فأبلاهما. وصدر البيت :