responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : أبو الفتح عثمان بن جنّي    الجزء : 1  صفحة : 106

حرف واحد ؛ كحرف العطف ، وفائه ، وهمزة الاستفهام ، ولام الابتداء والجرّ ، والأمر ، وكاف رأيتك ، وهاء رأيته. وجميع ذلك دون باب كم ، وعن ، وصه.

فتمكّن الثلاثى إنما هو لقلة حروفه ، لعمرى ، ولشيء آخر ، وهو حجز الحشو الذى هو عينه ، بين فائه ، ولامه ، وذلك لتباينهما ، ولتعادى [١] حاليهما ؛ ألا ترى أن المبتدأ لا يكون إلا متحركا ، وأن الموقوف عليه لا يكون إلا ساكنا ؛ فلما تنافرت حالاهما وسّطوا العين حاجزا بينهما ، لئلا يفجئوا الحسّ بضدّ ما كان آخذا فيه ، ومنصبّا إليه.

فإن قلت : فإنّ ذلك الحرف الفاصل لما ذكرت بين الأوّل والآخر ـ وهو العين ـ لا يخلو أن يكون ساكنا ، أو متحرّكا. فإن كان ساكنا فقد فصلت عن حركة الفاء إلى سكونه ، وهذا هو الذى قدّمت ذكر الكراهة له ؛ وإن كان متحرّكا فقد فصلت عن حركته إلى سكون اللام الموقوف عليها ، وتلك حال ما قبله فى انتقاض حال الأوّل بما يليه من بعده.

فالجواب أنّ عين الثلاثى إذا كانت متحرّكة ، والفاء قبلها كذلك فتوالت الحركتان ، حدث هناك لتواليهما ضرب من الملال لهما ، فاستروح حينئذ إلى السكون ، فصار ما فى الثنائى من سرعة الانتقاض (معيفا مأبيّا) ، فى الثلاثى خفيفا مرضيا ، وأيضا فإن المتحرّك حشوا ليس كالمتحرّك أوّلا ؛ أولا ترى إلى صحة جواز تخفيف الهمزة حشوا ، وامتناع جواز تخفيفها أوّلا ، وإذا اختلفت أحوال الحروف حسن التأليف ، وأما إن كانت عين الثلاثى ساكنة فحديثها غير هذا. وذلك أن العين إذا كانت ساكنة فليس سكونها كسكون اللام. وسأوضح لك حقيقة ذلك ، لتعجب من لطف غموضه. وذلك أن الحرف الساكن ليست حاله إذا أدرجته [٢] إلى ما بعده كحاله لو وقفت عليه. وذلك لأن من الحروف حروفا [٣] إذا وقفت عليها لحقها صويت ما من بعدها ، فإذا أدرجتها إلى ما بعدها ضعف ذلك


[١] يقال : تعادى ما بينهم أى اختلف.

[٢] الإدراج : لفّ الشىء فى الشىء. والدّرج لفّ الشىء. يقال : درجته وأدرجته ودرّجته ، والرباعى أفصحها ، ودرج الشىء فى الشىء يدرجه درجا ، وأدرجه : طواه وأدخله. اللسان (درج).

[٣] يريد حروف الهمس.

اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : أبو الفتح عثمان بن جنّي    الجزء : 1  صفحة : 106
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست