اسم الکتاب : الحديث النبوي في النحو العربي المؤلف : محمود فجال الجزء : 1 صفحة : 60
ويفهم من هذا
أن التدوين الرسمي والجماعي كان في عهد «عمر بن عبد العزيز» أما تقييد الحديث ،
وكتابته إفراديا ، وحفظه في الصحف والرقاع والعظام فقد مارسه الصحابة في عهد رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولم ينقطع تقييد الحديث بعد وفاته ـ عليه الصلاة
والسّلام ـ بل بقي جنبا إلى جنب مع الحفظ ، حتى قيض للحديث من يودعه المدونات
الكبرى.
وقد كانت نهاية
القرن الأول الهجري ، وبداية القرن الثاني خاتمة حاسمة لما كان من كراهة الكتابة
من بعض العلماء ، وإباحتها من بعض آخر ، فقد امتنع عن الكتابة من كبار التابعين :
«عبيدة بن عمرو
السلماني المرادي» ـ ٧٢ ه ، و «إبراهيم بن يزيد التيمي» ـ ٩٢ ه ، و «جابر بن زيد»
ـ ٩٣ ه ، و «إبراهيم النخعي» ـ ٩٦ ه [١].
قال «الأوزاعيّ»
ـ ١٥٧ ه : «ما زال هذا العلم عزيزا يتلقاه الرجال حتى وقع في الصحف مجمله ، أو
دخل فيه غير أهله» [٢].
وكان «عامر
الشعبي» ١٧ ـ ١٠٣ ه يقول : «ما كتبت سوداء في بيضاء ، ولا سمعت من رجل حديثا
فأردت أن يعيده عليّ» [٣].
وقد ازدادت
كراهة التابعين للكتابة عند ما اشتهرت آراؤهم الشخصية ، فخافوا أن يدونها طلابهم
مع الحديث ، وتحمل عنهم ، فيدخله الالتباس [٤].
ومنهم من كان
يحرص على الكتابة حرصا شديدا ، منهم «سعيد بن جبير» ـ ٩٥ ه كان يكتب عن «ابن عباس»
[٥] ...
[١] «جامع بيان العلم»
١ : ٦٧ ، و «طبقات ابن سعد» ٦ : ٦٣.
[٢] «سنن الدارمي» (باب
من لم ير كتابة الحديث) ١ : ١٢١.
[٣] «جامع بيان العلم»
١ : ٦٧ ، و «سنن الدارمي» ١ : ١٢٥ ، و «المحدث الفاصل» ٣٨٠.