اسم الکتاب : الحديث النبوي في النحو العربي المؤلف : محمود فجال الجزء : 1 صفحة : 38
ودخل رجل على «زياد بن أبيه» فقال : إن أبونا مات ، وإن أخينا وثب على مال
أبانا فأكله [١]. فقال «زياد» للّذي أضعته من كلامك أضرّ عليك مما أضعته
من مالك.
وقيل لرجل : من
أين أقبلت؟ فقال : من عند أهلونا [٢]. فحسده آخر حين سمعه ، وظن ذلك فصاحة ، فقال : أنا
والله أعلم من أين أخذها ، من قوله : (شَغَلَتْنا
أَمْوالُنا وَأَهْلُونا)[٣] فأضحك كلّ منهما من نفسه [٤].
قال «ابن حزم
الأندلسيّ» ـ ٤٥٧ ه : قد حدثني «يونس بن عبد الله بن مغيث» قال : أدركت بـ «قرطبة»
مقرئا يعرف بالقرشي ، أحد مقرئين ثلاثة للعامّة كانوا فيها ، وكان هذا القرشي لا
يحسن النحو ، فقرأ عليه قارىء يوما سورة «ق» : (وَجاءَتْ سَكْرَةُ
الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ)[٥] فردّه عليه القرشي «تحيد» بالتنوين ، فراجعه القارئ ،
وكان يحسن النحو ، فلجّ المقرئ ، وثبت على التنوين. وانتشر ذلك الخبر إلى أن بلغ
إلى «يحيى بن مجاهد الفزاري الألبيري» ، وكان منقطع القرين في الزهد والخير والعقل
، وكان صديقا لهذا المقرئ ، فمضى إليه فدخل عليه وسلّم عليه ، وسأله عن حاله ، ثم
قال له : إنه بعد عهدي بقراءة القرآن على مقرئ فأردت تجديد ذلك عليك ، فسارع
المقرئ إلى ذلك ،
[١] في العبارة لحن ،
وصوابها إنّ أبانا مات ، وإنّ أخانا وثب على مال أبينا فأكله) كما هو مقرر في باب «الأسماء
الستة» ، فـ «أب» و «أخ» اسمان يرفعان بالواو ، وينصيان بالألف ، ويجران بالياء.
[٢] «أهلون» لفظ ملحق
بجمع المذكر السالم ؛ لذا يستحق في إعرابه الرفع بالواو ، والنصب والجر بالياء.
وهو ملحق ؛ لأن مفرده «أهل» وهو اسم جنس جامد ، ولم تجتمع فيه شروط جمع المذكر
السالم من العلمية أو الوصفية. وصواب الإجابة على مقتضى القاعدة من عند أهلينا).
أما حسد الآخر حين سمعه ، وظنه فصاحة فهو دليل الغباء ؛ لذا أورد هذه الحادثة
الإمام «أبو الفرج عبد الرحمن الجوزي» ـ ٥٩٧ ه في كتابه «أخبار الحمقى والمغفلين»
في (الباب الثامن عشر في المغفلين من المتحذلقين ، فيمن قصد الفصاحة والإعراب ، في
كلامه من المغفلين) ص : ١٢٣.