العراق ، وقد أرسل
الحصين بن نمير مدير شرطته إلى البادية ، ونظم الخيل والمسالح ما بين القادسية إلى
خفان [١] ، وما بين القادسية
إلى القطقطانية [٢]
، وقال للناس : هذا الحسين (عليه السّلام) يريد العراق. قال : وعندما انتهى قيس
إلى القادسية ألقى الشرطة عليه القبض وجيء به إلى الحصين بن نمير فأخرج قيس الكتاب
ومزقه بأسنانه ، فبعث به الحصين إلى الكوفة. ولمّا مثل بين يدي ابن زياد سأله عن
اسمه وعن الكتاب ، فقال : اسمي قيس ، والكتاب من الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه
السّلام). قال : لمَنْ؟ قال : إلى جماعة من أهل الكوفة. فقال له : إذاً لِمَ خرقت
الكتاب؟ قال : لئلاّ تعلم ما فيه. فقال : والله ل٧ تفارقني حتّى تخبرني
بأسماء القوم ، أو تصعد المنبر فتسبّ الحسين وأباه. فقال : أمّا القوم فلا أخبرك
بأسمائهم ، وأمّا السبّ فأفعل ـ وحاشاه ـ. فأمر بصعوده المنبر ، فلمّا تسنّم قيس
المنبر حمد الله وأثنى عليه ، وذكر النبي (صلّى الله عليه وآله) فصلّى عليه ، ثمّ
قال : أيّها الناس ، أنا رسول الحسين إليكم ، وقد خلّفته بموضع كذا وكذا فأجيبوه ،
والحسين كما تعلمون خير خلق الله ، وابن فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
ثمّ إنّه لعن عبيد الله بن زياد وأباه ، ولعن يزيد بن معاوية ، وترحّم على علي (عليه
السّلام) وأصحابه. فلمّا سمع ابن زياد منه ذلك صاح : أنزلوه من على المنبر. فأنزلته
الشرطة ، ثمّ أمرهم فصعدوا به فوق القصر ورموه من أعلى القصر إلى الأرض فتقطّع. ويروى
أنّه وقع على الأرض مكتوفاً فتكسّرت عظامه ، وكان به رمق الحياة ، فجاء إليه رجل
يُقال له : عبد الملك بن عمير اللخمي ، فذبحه ، فقيل له في ذلك ، وعيب
[١] خفان : بالخاء
المعجمة والفاء المشددة والألف والنون ، موضع فوق الكوفة قرب القادسية. قال أبو
عبد الله السكوني : خفان من وراء النسوخ على ميلين أو ثلاثة ، عين عليها قرية لولد
عيسى بن موسى الهاشمي. وقال البكري : خفان وخفية : أجمتان قريبتان من مسجد سعد بن
أبي وقاص بالكوفة ، وأنشد :
مـن
المحمياتِ الغيلِ غيلُ خفيةٍ
ترى
تحتَ لحييهِ الفريسَ المعفّرا
[٢] القطقطانية : قال أبو عبد الله السكوني : القطقطانية بينها
وبين الرهيمة مغرباً نيف وعشرون ميلاً إذا خرجت من القادسية تريد الشام ، ومنه إلى
قصر مقاتل. وقال ياقوت في معجمه ، ورواه الأزهري بالفتح : موضع قرب الكوفة من جهة
البرية بالطفّ كان به سجن النعمان.