اسم الکتاب : الإمام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي المؤلف : البدري، سامي الجزء : 1 صفحة : 426
أعلى الله ، فأنا أول
من عبده ووحده ، أم على رسوله ، فأنا أول من آمن به وصدقهونصره! كلا ، ولكنها لهجة
خدعة كنتم عنها أغبياء. والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لتعلمن نبأه بعد حين ، وذلك
إذا صيركم إليها جهلكم ، ولا ينفعكم عندها علمكم.
فقبحا لكم يا أشباه الرجال ولا رجال ، حلوم
الأطفال وعقول ربات الحجال [١]
، أم والله أيها الشاهدة أبدانهم ، الغائبة عنهم عقولهم ، المختلفة أهواؤهم ، ما
أعز الله نصر من دعاكم ، ولا استراح قلب من قاساكم ، ولا قرت عين من آواكم ، كلامكم
يوهي الصم ، الصلاب ، وفعلكم يطمع فيكم عدوكم المرتاب. يا ويحكم ، أي دار بعد
داركم تمنعون! ومع أي إمام بعدي تقاتلون!
المغرور ـ والله ـ من غررتموه ـ من فاز
بكم بالسهم الأخيب ، أصبحت لا أطمع في نصركم ، ولا أصدق قولكم ، فرق الله بيني
وبينكم ، وأعقبني بكم من هو خير لي منكم ، وأعقبكم من هو شر لكم مني. إمامكم يطيع
الله وأنتم تعصونه ، وإمام أهل الشام يعصي الله وهم يطيعونه ،
والله لوددت أن معاوية صارفني بكم صرف
الدينار بالدرهم ، فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني واحدا منهم.
والله لوددت أني لم أعرفكم ولم تعرفوني
، فإنها معرفة جرت ندما.
لقد وريتم صدري غيظا ، وأفسدتم علي أمري
بالخذلان والعصيان ، حتى لقد قالت قريش : إن عليا رجل شجاع لكن لا علم له بالحروب
، لله درهم ، هل كان فيهم أحد أطول لها مراسا مني! وأشهد لها مقاساة! لقد نهضت
فيها وما بلغت العشرين ، ثم ها أنا ذا قد ذرفت على الستين ، لكن لا أمر لمن لا
يطاع.
أم والله ، لوددت أن ربي قد أخرجني من
بين أظهركم إلى رضوانه ، وإن المنية لترصدني فما يمنع أشقاها أن يخضبها ـ وترك يده
على رأسه ولحيته ـ عهد عهده إلي النبي الأمي وقد خاب من افترى ، ونجا من اتقى وصدق
بالحسنى.
يا أهل الكوفة ، دعوتكم إلى جهاد هؤلاء
ليلا ونهارا وسرا وإعلانا ، وقلت لكم اغزوهم ، فإنه ما غزي قوم في عقر دارهم إلا
ذلوا ، فتواكلتم وتخاذلتم ، وثقل
[١] الحجال : جمع
حجلة ، وهي بيت يزين بالثياب والأسرة والستور ، يهيا للعروس.
اسم الکتاب : الإمام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي المؤلف : البدري، سامي الجزء : 1 صفحة : 426