الله عليه وآله) شَهِدوا
مَحضرة ، وشاهدوا مَنظره ، وسُمِّي شبيه النبي ، فترَعْرَعَ الصبيُّ ، وترَعْرَع
معه جَمال النبي (صلَّى الله عليه وآله) ، ونَمَا فيه الكمال ، وأزهرت حوله الآمال
، وبلغ تصابي آل النبي (صلَّى الله عليه وآله) فيه مَبلغ الولَه والعِشق ، فكان
إذا تلا آية ، أو روى رواية مَثَّل رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) في كلامه
ومَقامه ، وأضاف على شَبَه النبي (صلَّى الله عليه وآله) في الجِسم ، شَبَهاً
بجَدِّه عليٍّ (عليه السّلام) في الاسم ، كما شابَهه في الشجاعة ، وفي تَعصُّبه
للحَقِّ ؛ حتَّى أنَّه يوم قال الحسين (عليه السّلام) أثناء ميسره : «كأنِّي بفارس
، قد خَطر علينا قائلاً : القوم يسيرون والمنايا تسير بهم». أتاه قائلاً :
«يا أبتِ ، أوَلسنا على الحَقِّ؟».
فقال له الحسين (عليه السّلام) : «إي
والذي إليه مَرجع العِباد».
قال عليٌّ هذا : إذنْ ، لا نٌبالي
بالموت.
فكان في موكب الحسين (عليه السّلام) مِثل
كوكب الفَجر يزهو بجَماله ، وأنظار أهله دائرة حوله ، غير إنَّ الحصار والحُزن
ضيَّقا على نفسه مَجرى النفس ، فلم يَجِد مَظنَّة للخلاص منهم ، إلاَّ في الموت ؛
فجاء لَيستأذن أباه ، لكنَّه مُنكسِر الطرف ؛ إذ يعلم مَبلغ تأثُّر الوالد مِن هذا
الكلام.
وقد شوهد سيِّد الطفِّ ، في أقواله
وأحواله على جانب عظيم مِن التَجلُّد ، لكنَّ قيام هذا الفتى ضَيَّع جانباً مِن
تَجلُّده ؛ فصار كغيره لا يَملك مِن التَجلُّد شيئاً ، فيما يقول في ولده ، أو عن
ولده.
وأيْمَ الله ، إنَّه أذِنَ له كمَن
يُريد أنْ لا يُجرح عاطِفة فتاه ، فأسرع