لم يَزل ، ولا يزال عُرفاء الأُمَم ، مِن
عربٍ وعجمٍ ، يعتقدون توارث السَجايا والمَزايا ، بالتناسل والتناسب ، وأنَّ الولد
يرث مِن أبويه ووالديهم ، مَواهبهم العقلية ، أو سَجاياهم الأخلاقيَّة ، كما
يَرثهم أشكال الخُلقة وطبائع الجِسم ، وأمراض الأعضاء ، وقد أكَّد الفَنُّ الحديث
ذلك ، وأنَّ التشابُه في الخِلقة ، لا ينفكُّ عن التشابُه الأخلاقي ؛ فنَجِد
العائلة بعد فُقدان أكبرها ، تَجمع توجُّهاتها في أشبه أفرادها بالفقيد ، توسَّماً
بقيام الشبيه مَقام الفقيد ، في إعادة آثاره وأدواره لإجماع الغرائز ، على أنَّ
الأعمال نتائج الأخلاق ، وأنَّ الطفل الشبيه بآبائه خَلقاً وخُلقاً ، يَغلب أنْ
يُجدِّد مآثرهم ومَفاخرهم.
وكان آل محمّد (صلَّى الله عليه وآله) في
أسفٍ مُستمرٍّ على فُقدان النبي (صلَّى الله عليه وآله) ، وخَسارة كلِّ مَجدٍ في
فَقده ، حتَّى ولِد للحسين بن علي (عليه السّلام) ولدٌ ، أشبه الناس بجَدِّه محمّد
(صلَّى الله عليه وآله) خَلقاً وخُلقاً ومَنطقاً ، فتَمرْكزت فيه كلُّ آمالهم
وأمانيِّهم ، وصاروا كلَّما اشتاقوا إلى زيارة النبي (صلّى