وما تريد منه؟ قال : أريد
أن أعلمه بقتل ابن عمّه مسلم بن عقيل ، فصاحت البنت : واأبتاه وامسلماه ... ثم
وقعت مغماً عليها ، أقبل إليه الحسين وأقبلت بنو هاشم وقالوا للرجل : ما صنعت بها؟
قال : والله ما قلت له شيء إلّا أنّي قلت له إرشديني على خيمة الحسين ، فقالت : وما
تريد منه؟ فقلت لها : أريد أن اعلمه بقتل ابن عمّه مسلم بن عقيل ، فقالوا : يا هذا
إنّها إبنة مسلم.
قال الراوي : وأخذها الحسين إلى الخيمة
فأجلسها في حجره فجعل يمسح على رأسها وناصيتها فقالت له : عم استشهد والدي مسلم؟
فقال لها : بنية أنا أبوك وبناتي إخوتك :
مسح الحسين برأسها فاستشعرت
باليتم وهي علامة تكفيها
لم يبكها بعدم الوثوق بعمّها
كلا ولا الوجد المبّرح فيها
لكنّها تبكي مخافة أنها
تمسي يتيمة عمّها وأبيها
أقول : ولا تسمّى هذه الطفلة يتيمة وإن
كان اليتم للأب لكن بوجود عمّها الحسين لا تعد يتيمة ، لأنّ الحسين عليهالسلام ما نزل إلّا ودعاها
وأجلسها في حجره يلاطفها ويسلّيها ، فهي عزيزة مكرّمة بوجود عمّها الحسين عليهالسلام ، وعمومتها من بني
عقيل وبني هاشم واخوتها ، بل اليتيمة سكينة لأنّها بعد قتل أبيها الحسين عليهالسلام لم تجد أحداً
يسلّيها ، بل كان يقرعها شمر برمحه ويضربها زجر بسوطه وهي القائلة «كلّما دمعت من
أحدنا عين أو بكت منّا طفلة قرعوا راسها بالرمح».