اسم الکتاب : تنزيه الأنبياء عمّا نسب إليهم حثالة الأغبياء المؤلف : ابن خمير الجزء : 1 صفحة : 64
وعلى هذا مضت
العادات وتناصرت الحكايات ، ولو لا قصد الاختصار لأسمعتك في هذا الشّأن أخبارا
وأشعارا عن ظرفاء المحبّين المتديّنين ، وأهل الهمم من فتيان العرب. فقد قيل : إنّ
قيس بني عامر [١] تعرّضته ليلى بأرض فلاة فقالت له : ها أنا بغيتك ومثار
فتنتك ، ليلى! جئتك ولا رقيب ولا واسطة ، فاقض ما أنت قاض!.
فقال لها : بي منك
ما شغلني عنك! ثمّ سار وتركها. فهذا من ظرفاء المحبّين.
وآخر رأى غبار ذيل
[٢] محبوبه فغشي عليه فهذا أظرف منه ، إلى غير ذلك.
وجاء في الأثر :
أنّ عليا ـ كرّم الله وجهه ـ كانت له جارية تتصرّف في أشغاله.
وكان بإزائه مسجد
فيه قيّم ، فكانت متى مرّت به تلك الجارية قال لها : أما إني أحبّك ، فشقّ عليها
ذلك فأخبرت عليّا ـ رضياللهعنه ـ بذلك ، فقال لها : إذا قال لك ذلك فقولي له : وأنا أحبّك
فأيش تريد بعد هذا [٣]؟!.
فلمّا مرّت به
قالت له ذلك ، فقال : نصبر حتّى يحكم الله بيننا ، فلمّا أخبرت عليا ـ عليهالسلام ـ بما قال لها دعا به وقال له : خذها إليك فقد حكم الله بينكما! فهذا شأن
الظّرفاء والمتديّنين من المحبّين.
[١] قيس بن الملّوح
العامري ، أحد بني عامر بن صعصعة ، ومن مشاهير عشّاق العرب ، عشق ليلى بنت مهدي
العامريّة ، وكان يرعى الغنم منذ الصّغر عند جبل يقال له (التّوباد) ، وقال فيها
الشعر ، وذاع شعره فمنعه أهلها الاقتراب من ديارهم واستعدوا عليه الوالي ، فأهدر
دمه إن زارها ، وخطبها فرفض أبوها ، وزوّجها من رجل غنيّ من ثقيف فاختلط قيس ،
فكان يجيء جبل التوباد فيقيم به ثمّ يهيم على وجهه ، ثم وجد ميتا في أحد الأودية ،
وللمجنون ديوان شعر مطبوع بتحقيق الأستاذ عبد الستّار فرّاج ـ رحمهالله ـ نشرته مكتبة مصر ـ
القاهرة.
[٢] غبار ذيل ثوبها ،
فقد كانت تجرّ الثوب نعمة وخيلاء!.
[٣] فأيش : فأيّ شيء.
(وهذا اختصار قديم من باب النّحت).
اسم الکتاب : تنزيه الأنبياء عمّا نسب إليهم حثالة الأغبياء المؤلف : ابن خمير الجزء : 1 صفحة : 64