اسم الکتاب : تنزيه الأنبياء عمّا نسب إليهم حثالة الأغبياء المؤلف : ابن خمير الجزء : 1 صفحة : 113
الخامس
: قولهم : إنّه لا تكون الإدراكات والحواسّ إلاّ في الرّءوس على
بنية مخصوصة ، فأكذبهم الله تعالى بأن سمعت ورأت بإدراكات خلقت في بعض أجسامها دون
الرّءوس ، فحييت وسمعت حين دعيت ورأت ، وجاءت طائرة بلا رءوس ولا عيون ولا آذان.
وهذا هو مذهب أهل الحقّ أنه ليس للإدراكات شرط في المحلّ سوى الحياة.
وأما قوله تعالى :
(وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة : ٢ / ٢٦٠] ؛ فقد يكون أمرا له عليهالسلام بأن يبقى على معلوماته في إثبات عزّة الله تعالى وحكمته ، لا أن يستجدّ علما
بما لم يكن يعلم ، ويحتمل أن يأمره بأن يستجدّ علوما أخر بأنواع من الحكمة والعزّة
لم يكن يعلمها قبل.
وأما ذكره العزّة
في هذا المقام فهي الغلب والقهر ، تقول العرب [١] (من عزّ بزّ) أي :
من غلب سلب. فلما كان في جمع الموتى وإحيائهم دفعة واحدة غاية الغلب والقهر والحكم
والعلم والإتقان والإحكام تمدّح البارئ تعالى بصفاته العلى وعزّة قهره ، فأمره أن
يتزيّد علما بصفات الجلال والجمال.
وقد يكون الأمر
بالعلم فيما رأى من تفاصيل عجائب الكيفيّات. فلمّا أطلعه على ذلك غاية الاطلاع ،
وعلّمه ما لم يكن يعلم قال له تعالى : (وَاعْلَمْ أَنَّ
اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) أي : وابق عالما بما زدتك من العلوم الحسيّة التي لا
يتأتّى الجهل بها ولا الشكّ فيها في مستقرّ العادة ، ولا يتغافل عنها.
فهذه ـ رحمك الله
ـ قصص إبراهيم عليهالسلام في الثلاث الآيات والتّبرئة له [٢].
[١] أي في أمثال
العرب ، والبزّ : السّلب. والقول مشهور في كتب الأمثال.