اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 610
المجلس الخامس والأربعون بعد
المئتين
لمّا أمر المنصور بحمل بني الحسن إلى
العراق ، حملهم رياح ـ عامل المدينة ـ إلى الرّبذة ، مكبّلين مغلولين عليهم المسوح
، فخرج المنصور راكباً بغلة شقراء ومعه وزيره الربيع ، فناداه عبد الله بن الحسن :
يا أبا جعفر ، ما هكذا فعلنا بأسراكم يوم بدر. فقال له المنصور : اخسأ. ولم يعرج
عليه. ثمّ إنّ المنصور حبسهم بالعراق في مكان يُقال له قصر ابن هبيرة ـ شرقي
الكوفة ـ ، وكانوا لا يعرفون الليل من النّهار ، ولا يعرفون أوقات الصّلاة إلاّ
بأحزابٍ من القرآن يقرأها بعضهم ، وإذا مات منهم أحد تُرك في مكانه. فلمّا خرج
عليه محمَّد بن عبد الله بن الحسن ، أمر بهدم الحبس عليهم ، ولمّا اُدخل عليه
محمَّد بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن ، وكان يُسمى الديباج لجماله ، نظر إليه
المنصور ، فقال له : أنت الديباج الأصغر؟ قال نعم. قال : أما والله ، لأقتلنّك
قتلةً ما قتلتها أحداً من أهل بيتك. فأمر أنْ تُبنى عليه إسطوانة وهو حي. وكان
معهم رجل من ولد عثمان ـ وهو أخو عبد الله بن الحسن لاُمّه ؛ اُمّهما جميعاً فاطمة
بنت الحسين بن علي عليهماالسلام
ـ فلمّا اُدخل على المنصور ، وعليه قميص وإزار رقيق تحت القميص ، جرى بينهما كلام
لا يليق ذكره ، فغضب عليه المنصور وأمر بشقِّ ثيابه ، فشُقَّ قميصه عن إزاره فأشف
عن عورته ثمّ أمر به فضُرب مئتين وخمسين سوطاً ، وهو في أثناء الضّرب يفتري عليه
ويشتمه ، فأصاب سوط منها وجهه ، فقال : ويحك! اكفف عن وجهي ؛ فإنّ له حرمة برسول
الله (ص). فأغرى المنصور به الجلاّد ، فقال : الرأس الرأس. فضرب على رأسه نحو من
ثلاثين سوطاً ، فأصاب سوط منها إحدى عينيه فسالت ، ثمّ اُخرج كأنّه زنجيٌّ ، قد
غيّرت السّياط لونه وأسالت دمه ، فقام مولى له وألقى عليه رداءه وأجلسه إلى جانب
أخيه لاُمّه عبد الله بن الحسن ، فعطش ممّا ناله فطلب ماء ، فقال أخوه عبد الله : يا
معشر المسلمين ، مَن يسقي ابن رسول الله؟ فتحاماه النّاس ، فما سقوه حتّى جاء
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 610