اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 582
وقد أتاني كتابه. وكان
مروان ، لمّا أخرج أهل المدينة بني اُميّة منها ، طلب من عبد الله بن عمر أنْ
يُغيّب أهله عنده فلم يقبل ، فقال لعلي بن الحسين عليهماالسلام
: إنّ لي رحماً ، وحرمي تكون مع حرمك. فقال : «افعل». فبعث بامرأته وحرمه إلى علي
بن الحسين عليهماالسلام
، فخرج علي (ع) بحرمه وحرم مروان إلى ينبع ، وقيل بل أرسل حرم مروان إلى الطّائف ،
وأرسل معهم ابنه عبد الله. هكذا كانت عادة أهل البيت عليهمالسلام
في الحلم والصّفح ، والمجازاة على الإساءة بالإحسان ، وعلى ذلك جرى علي بن الحسين عليهماالسلام مع مروان ؛ فمروان
هو الذي عادى أمير المؤمنين (ع) وحاربه يوم الجمل ، فلمّا ظفر به أمير المؤمنين (ع)
عفا عنه ، وهو الذي أشار على الوليد ـ أمير المدينة ـ بقتل الحسين (ع) حين طلب منه
الوليد البيعة ليزيد ، فقال مروان : والله ، لئن فارقك الحسين السّاعة ولم يُبايع
، لا قدرت منه على مثلها أبداً حتّى تكثر القتلى بينكم وبينه ، ولكن احبس الرّجل
فلا يخرج من عندك حتّى يُبايع أو تضرب عنقه ، وهو الذي أخذ رأس الحسين (ع) بعد
قتله فوضعه بين يديه ، وقال :
يا حبَّذا بُردُكَ في اليَدَيْنِ
ولونُك الأحمرُ في الخدَّينِ
كأنّما حُفَّ بوردتينِ
شفيتُ نفسي من دمِ الحُسينِ
والله ، لكأنّي أنظر إلى أيّام عثمان.
فجازاه على ذلك علي بن الحسين عليهماالسلام
بأنْ حفظ حرمه ونساءه ، وحماهم بعدما عرض ذلك على ابن عمر فلم يقبل. ولم ينس زين
العابدين (ع) ما فعله بنو اُميّة معه من قتلهم أباه الحسين (ع) ، وسبيهم نساء أهل
بيته ، وأخذه معهم أسيراً والغلُّ في عنقه حتّى اُدخلوا على مجلس يزيد بتلك الحالة
، ولكن أبت له أعراقُه الكريمة ، وهو ابنُ رسول الله (ص) وابنُ وصيه ، وإمامُ أهل
البيت الطّاهر ، إلاّ أنْ يُجازي عن الإساءة بالإحسان ، فحامى عن نساء مَن سبوا
نساءه ، وحفظهنَّ. وما مَثَلُ بني هاشم وبني اُميّة في ذلك ، إلاّ كما قال الشاعر :
ملكنَا فكان العفوُ منَّا سجيَّةً
فلمّا ملكتُمْ سال بالدَّمِ أبطحُ
فحسْبُكُمُ هذا التَّفاوتُ بيْنَنا
وكلُّ إِناءٍ بالذي فيهِ يَنْضَحُ
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 582