اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 413
ديني ، وما قرّت
فيها عيني ، وما أنا فيها إليك بعائدة ، ولا حيث كنت بحامدة. فأشار معاوية إليها
ببنانه اخرجي ، فخرجت وهي تقول : وآعجبي لمعاوية! يكفّ عنّي لسانه ، وهو يشير إلى
الخروج ببنانه! أما والله ، ليعارضنّه عمرو بكلام مؤيّد سديد ، أوجع من نوافذ
الحديد ، أو ما أنا بابنة الشريد. فخرجت وتلقّاها الأسود الهلالي ، وكان أسود أصلع
أبرص ، فسمع مقالها ، فقال : لمَن تعني هذه ـ عليها لعنة الله ـ؟ فقالت : خزياً لك
وجدعاً ، أتلعنني واللعنة بين جنبيك! وما بين قرنيك إلى قدميك! اخسأ يا هلمة الصعل
، ووجه الجعل. فبهت الأسود ينظر إليها ، ثمّ سأل عنها فاُخبر ، فأقبل يعتذر إليها
؛ خوفاً من لسانها. ثمّ التفت معاوية إلى عبيد بن أوس ، فقال : ابعث إليها ما تقطع
به عنّا لسانها ، وتقضي به ما ذكرت من دَينها ، وتخفّ به إلى بلادها. فلمّا أتاها
الرسول بما أمر به معاوية ، قالت : يا عجبي لمعاوية! يقتل زوجي ، ويبعث إليّ
بالجوائز! فأخذت ذلك وخرجت تريد الجزيرة ، فمرّت بحِمص فقتلها الطاعون. فبلغ ذلك
الأسود ، فأقبل إلى معاوية كالمبشرّ له ، فقال : قد استُجيبت دعوتك في ابنة الشريد
، وقد كُفيتَ شرّ لسانها ، مرّت بحِمص فقتلها الطاعون. قال معاوية : فنفسك فبشرّ ؛
فإنّ موتها لم يكن على أحد أروح منه عليك ، ولَعمري ، ما انتصفت منها حين أفرغت
عليك شؤبوباً وبيلاً. فقال الأسود : ما أصابني من حرارة لسانها شيء ، إلاّ وقد
أصابك مثله ، وأشدّ منه. أقول : وعمرو بن الحمق هذا من خيار أصحاب رسول الله (ص) ،
ومن السّابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين (ع) ، وأخلصوا في محبته. وكتب الحسين
(ع) إلى معاوية ـ بعد قتله عمرو بن الحمق ـ جواباً عن كتاب : «أوَلست قاتلَ عمرو
بن الحمق صاحب رسول الله (ص) ، العبد الصالح الذي أبلته العبادة ، فنحُل جسمه
واصفرّ لونه ، بعدما أمّنته وأعطيته من عهود الله ومواثيقه ما لَو أعطيته طائراً
لنزل إليك من رأس جبل ، ثمّ قتلته ؛ جرأةً على ربّك ، واستخفافاً بذلك العهد؟!». وقُتل
عمرو ببلاد الموصل ، وقُطع رأسه واُرسل إلى معاوية ، فأرسله معاوية ـ كما سمعت ـ
إلى امرأته وهي في السجن ، وأمر أنْ يُطرح في حجرها. وبه اقتدى ولده يزيد في قطع
رؤوس سادات المسلمين ، وحملها إليه من بلد إلى بلد ، فإنّه لمّا قُتل الحسين (ع)
وأصحابه ، أمر عامله عبيد الله بن زياد أنْ يحمل إليه رأس الحسين (ع) ، ورؤوس
أصحابه ، وسبايا أهل بيت النّبوّة ففعل. وكان الرأس الشريف بمرأى ومنظر من نساء
الحسين (ع) ، وأخواته ، وبناته طول مدة الطريق ، من العراق إلى الشام. وكما طرح
معاوية رأس عمرو بن الحمق في حجر زوجته بعد قتله ؛ بغياً وعتوّاً ، وشدّة بغضه
لأمير المؤمنين (ع) وشيعته ، أحضر ولده يزيد رأس الحسين (ع) بين يديه
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 413