اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 412
المجلس الثالث والسّبعون بعد
المئة
في كتاب بلاغات النّساء : إنّه لمّا
قُتل علي بن أبي طالب (ع) ، بعث معاوية في طلب شيعته ، فكان في مَن طلب عمرو بن
الحمق الخزاعي ، فراغ منه ، فأرسل إلى امرأته آمنة بنت الشريد ، فحبسها في سجن
دمشق سنتين ، ثمّ إنّ عبد الرحمن بن الحكم ظفر بعمرو بن الحمق في بعض الجزيرة ،
فقتله وبعث برأسه الى معاوية ، وهو أوّل رأس حُمل في الإسلام. قال الأعمش : أوّل
رأس اُهدي من بلد إلى بلد في الإسلام ، رأس عمرو بن الحمق. فلمّا أتى معاوية
الرسولُ بالرأس ، بعث به إلى آمنة في السجن ، وقال للحرَسي : احفظ ما تتكلم به
حتّى تؤدّيه إليّ ، واطرح الرأس في حجرها. ففعل هذا ، فارتاعت له ساعةً ، ثمّ وضعت
يدها على رأسها وقالت : نفيتموه عنّي طويلاً ، وأهديتموه إليّ قتيلا ً ، فأهلاً
وسهلاً بمَن كنتُ له غير قالية ، وأنا له اليوم غير ناسية. ارجع به أيها الرسول
إلى معاوية ، فقل له : أيتمَ الله وُلدك ، وأوحش منك أهلك ، ولا غفر لك ذنباً. فرجع
الرسول إلى معاوية فأخبره بما قالت ، فأرسل إليها فأتته ، وعنده نفر فيهم أياس بن
حسل ، وكان في شدقيه انتفاخ لعظم كان في لسانه. فقال لها معاوية : أأنت يا عدوّة
الله ، صاحبة الكلام الذي بلغني؟ قالت : نعم ، غير نازعة عنه ولا معتذرة منه ولا
منكرة له ، فلَعمري ، لقد اجتهدت في الدعاء إنْ نفع الإجتهاد ، وإنّ الحقّ لمِن
وراء العباد ، وما بلغت شيئاً من جزائك ، وإنّ الله بالنّقمة من ورائك. فأعرض عنها
معاوية ، فقال أياس : اقتل هذه يا أمير المؤمنين ، فوالله ، ما كان زوجها أحقّ
بالقتل منها. فالتفتت إليه ، وقالت : تباً لك! ويلك! بين لحييك كجثمان الضفدع ،
ثمّ أنت تدعوه إلى قتلي كما قتل زوجي بالأمس ، (إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ
جَبَّارًا فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ) فضحك
معاوية ، ثم قال : لله درّك! اخرجي ، ثمّ لا أسمع بك في شيء من الشام. قالت : وأبي
، لأخرجنّ ، ثمّ لا تسمع بي في شيء من الشام ، فما الشام لي بحبيب ، ولا أعرج فيها
على حميم ، وما هي لي بوطن ، ولا أحنّ فيها إلى سكن ، ولقد عظم فيها
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 412