responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 212

كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى‌ أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرّاحِمينَ قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتّى‌ تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللّهِ لَتَأْتُنّنِي بِهِ الاّ أنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمّا ءَاتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّهُ عَلَى‌ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ) فأرسله معهم وفعلوا كما قال ، فلمّا دخلوا على يوسف ، قالوا : هذا أخونا الّذي أمرتنا أنْ نأتيك به. فأكرمهم وأضافهم ، وقال : ليجلس كلّ بني اُمّ على مائدة. فجلسوا وبقي بنيامين قائماً وحده فبكى ، فقال له يوسف : ما لك لا تجلس؟ قال : إنّك قُلت ليجلس كلّ بني اُمّ على مائدة ، وليس لي فيهم ابن اُم. قال يوسف : فما كان لك ابن اُم؟ قال : بلى. قال : فما فعل؟ قال : زعم هؤلاء أنّ الذّئب أكله. قال : فما بلغ من حزنك عليه؟ قال : ولد لي أحد عشر إبناً ، كُلُهم اشتققت له إسماً من اسمه. فقال له يوسف : تعال فاجلس معي على مائدتي. فقال إخوته : لقد فضّل الله يوسف وأخاه حتّى أنّ الملك قد أجلسه معه على مائدته. فلمّا كان الليل جاؤوهم بالفرش ، وقال : لينم كلّ أخوين منكم على فراش ، وبقي بنيامين وحده ، فقال يوسف : هذا ينام معي. فبات معه على فراشه وذكر له بنيامين حزنه على يوسف ، فقال له : أتحب أنْ أكون أخاك عوض أخيك الذّاهب؟ فقال بنيامين : ومَن يجد أخاً مثلك ، ولكن لم يلدك يعقوب ولا راحيل؟ فبكى يوسف وقام إليه فعانقه ، وقال : (إِنّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) أي : فلا تحزن لشيء سلف منهم. هذا يوسف بكى لمّا جمع الله شمله بأخيه بنيامين ، وكان المقام مقام فرح وسرور لا مقام حزن وبُكاء ، لكن غلبت الرّقة من يوسف (ع) فتذكّر ما سلف من فراق أبيه وأخيه فبكى ، ولا أحد أعزّ على المرء بعد أبويه من الأخ لا سيّما إذا كان الأخ من أعاظم الرّجال ، ولكن أين مقام يوسف الصدّيق من مقام أبي عبد الله الحسين (ع) حين وقف على أخيه أبي الفضل العباس ، فرآه مقطوع اليدين ، مطروحاً على وجه الأرض ، مرضوخ الجبين ، مشكوك العين بسهم ، مُقطّعاً بسيوف الأعداء؟! فوقف عليه مُنحنياً وبكى بكاءً شديداً ، وجلس عند رأسه يبكي حتّى فاضت نفسه الزّكية. ثمّ حمل على القوم فجعل يضرب فيهم يميناً وشمالاً ، فيفرّون من بين يديه كما تفرّ المعزى إذا شدّ فيها الذّئب ، وهو يقول : «أين تفرّون وقد قتلتم أخي؟ أين تفرون وقد فتتم عَضدي؟».

إنّي لأذكر للعبّاسِ موقفَهُ

بكربلاءَ وهام القوم تختطفُ

ولا أرى مشهداً يوماً كمشهدهِ

مع الحسين عليه الفضلُ والشّرفُ

اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 212
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست