اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 210
والأنهار ، ثمّ في
السّنة السّابعة برقابهم حتّى استرقّهم جميعاً. وكان الملك قد فوّض إليه أمر المُلك
، فقال للملك : كيف رأيت صنع الله بي فيما خوّلني ، فما ترى؟ قال : الرأي رأيك.
قال : إنّي اُشهد الله واُشهدك أنّي اعتقتهم عن آخرهم ورددت عليهم أملاكهم. وكان
لا يبيع لأحدهم أكثر من حمل بعير ؛ عدلاً بين النّاس ، وكان لا يمتلي شبعاً من
الطّعام في تلك الأيام المجدبة ، فقيل له : تجوع وبيدك خزائن الأرض؟ فقال : أخاف
أنْ أشبع فأنسى الجياع ، وهذا نظير قول أمير المؤمنين علي (ع) : «ولو شئت لاهتديت
الطّريق إلى مصفى هذا العسل ، ولباب هذا القمح ، ونسائج هذا القزّ ، ولعلّ بالحجاز
أو اليمامة مَن لا طمع له في القرص ، ولا عهد له بالشّبع ، أوَ أبيت مُبطاناً
وحولي بطون غرثى وأكباد حرّى؟! أوَ أكون كما قال القائل :
وحسبُك داءً أنْ تبيت ببطنةٍ
وحولك أكبادٌ تحنّ إلى القدِّ
أأقنع من نفسي بأنْ يُقال أمير المؤمنين
ولا اُشاركهم في مكاره الدّهر ، أو أكون اُسوة لهم في جشوبة العيش؟». واقتدى به في
ذلك ولده الحسين (ع) ، فقد وجُد على ظهره يوم الطفّ أثر ، فسُئل علي بن الحسين (ع)
عن ذلك ، فقال : «هذا ممّا كان يحمل الجراب على ظهره إلى بيوت الأرامل واليتامى».
ووجد على ظهر الحسين (ع) يوم الطفّ أثر آخر ، هو أوجع القلوب من هذا الأثر ، وهو
أثر حوافر الخيل التي داست بحوافرها صدره الشّريف وظهره ؛ وذلك حين أمر ابن سعد
عشرة فوارس أنْ يدوسوا بحوافر خيولهم صدره وظهره ؛ تنفيذاً لما أمر به ابن زياد ،
وهم يقولون :
نحن رضضنا الصّدر بعد الظّهرِ
بكلّ يعبوبٍ شديدِ الأسرِ
فقال ابن زياد : مَن أنتم؟ قالوا : نحن
الذين وطأنا بخيولنا جسد الحسين حتّى طحنّا جناجن صدره.
تطأ الصّواهلُ صدرَه وجبينَهُ
والأرضُ ترجفُ خيفةً وتضعضعُ
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 210