responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحتجاج المؤلف : الطبرسي، أبو منصور    الجزء : 1  صفحة : 32

لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَظْهَرُ لَكُمْ بِصُورَةِ الْبَشَرِ الَّذِي أَلِفْتُمُوهُ لِتَفْهَمُوا عَنْهُ مَقَالَتَهُ وَ تَعْرِفُوا خِطَابَهُ وَ مُرَادَهُ فَكَيْفَ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ صِدْقَ الْمَلَكِ وَ أَنَّ مَا يَقُولُهُ حَقٌّ بَلْ إِنَّمَا بَعَثَ اللَّهُ بَشَراً وَ أَظْهَرَ عَلَى يَدِهِ الْمُعْجِزَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي طَبَائِعِ الْبَشَرِ الَّذِينَ قَدْ عَلِمْتُمْ ضَمَائِرَ قُلُوبِهِمْ فَتَعْلَمُونَ بِعَجْزِكُمْ عَمَّا جَاءَ بِهِ أَنَّهُ مُعْجِزَةٌ وَ أَنَّ ذَلِكَ شَهَادَةٌ مِنَ اللَّهِ بِالصِّدْقِ لَهُ- وَ لَوْ ظَهَرَ لَكُمْ مَلَكٌ وَ ظَهَرَ عَلَى يَدِهِ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ الْبَشَرُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّكُمْ أَنْ لَيْسَ فِي طَبَائِعِ سَائِرِ أَجْنَاسِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ حَتَّى يَصِيرَ ذَلِكَ مُعْجِزاً أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّ الطُّيُورَ الَّتِي تَطِيرُ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْهَا بِمُعْجِزٍ لِأَنَّ لَهَا أَجْنَاساً يَقَعُ مِنْهَا مِثْلُ طَيَرَانِهَا وَ لَوْ أَنَّ آدَمِيّاً طَارَ كَطَيَرَانِهَا كَانَ ذَلِكَ مُعْجِزاً فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ سَهَّلَ عَلَيْكُمُ الْأَمْرَ وَ جَعَلَهُ بِحَيْثُ تَقُومُ عَلَيْكُمْ حُجَّتُهُ وَ أَنْتُمْ تَقْتَرِحُونَ عَمَلَ الصَّعْبِ الَّذِي لَا حُجَّةَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَمَّا قَوْلُكَ مَا أَنْتَ إِلَّا رَجُلٌ مَسْحُورٌ فَكَيْفَ أَكُونُ كَذَلِكَ وَ قَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي فِي صِحَّةِ التَّمْيِيزِ وَ الْعَقْلِ فَوْقَكُمْ- فَهَلْ جَرَّبْتُمْ عَلَيَّ مُنْذُ نَشَأْتُ إِلَى أَنِ اسْتَكْمَلْتُ أَرْبَعِينَ سَنَةً خِزْيَةً[1] أَوْ زَلَّةً أَوْ كَذِبَةً أَوْ خِيَانَةً أَوْ خَطَأً مِنَ الْقَوْلِ أَوْ سَفَهاً مِنَ الرَّأْيِ أَ تَظُنُّونَ أَنَّ رَجُلًا يَعْتَصِمُ طُولَ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِحَوْلِ نَفْسِهِ وَ قُوَّتِهَا أَوْ بِحَوْلِ اللَّهِ وَ قُوَّتِهِ وَ ذَلِكَ مَا قَالَ اللَّهُ- انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا إِلَى أَنْ يُثْبِتُوا عَلَيْكَ عَمًى بِحُجَّةٍ أَكْثَرَ مِنْ دَعَاوِيهِمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَبَيَّنَ عَلَيْكَ تَحْصِيلُ بُطْلَانِهَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَمَّا قَوْلُكَ- لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى‌ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ‌ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بِمَكَّةَ أَوْ عُرْوَةَ بِالطَّائِفِ فَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ يَسْتَعْظِمُ مَالَ الدُّنْيَا كَمَا تَسْتَعْظِمُهُ أَنْتَ وَ لَا خَطَرَ لَهُ عِنْدَهُ كَمَا لَهُ عِنْدَكَ- بَلْ لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا عِنْدَهُ تَعْدِلُ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ لَمَا سَقَى كَافِراً بِهِ مُخَالِفاً لَهُ شَرْبَةَ مَاءٍ وَ لَيْسَ قِسْمَةُ اللَّهِ إِلَيْكَ بَلِ اللَّهُ هُوَ الْقَاسِمُ لِلرَّحْمَاتِ وَ الْفَاعِلُ لِمَا يَشَاءُ فِي عَبِيدِهِ وَ إِمَائِهِ وَ لَيْسَ هُوَ عَزَّ وَ جَلَّ مِمَّنْ يَخَافُ أَحَداً كَمَا تَخَافُهُ أَنْتَ لِمَالِهِ وَ حَالِهِ فَعَرَفْتَهُ بِالنُّبُوَّةِ لِذَلِكَ وَ لَا مِمَّنْ يَطْمَعُ فِي أَحَدٍ فِي مَالِهِ أَوْ فِي حَالِهِ كَمَا تَطْمَعُ أَنْتَ فَتَخُصَّهُ بِالنُّبُوَّةِ لِذَلِكَ وَ لَا مِمَّنْ يُحِبُّ أَحَداً مَحَبَّةَ الْهَوَاءِ كَمَا تُحِبُّ أَنْتَ فَتُقَدِّمَ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ التَّقْدِيمَ وَ إِنَّمَا مُعَامَلَتُهُ بِالْعَدْلِ فَلَا يُؤْثِرُ إِلَّا بِالْعَدْلِ لِأَفْضَلِ مَرَاتِبِ الدِّينِ وَ جَلَالِهِ إِلَّا الْأَفْضَلَ فِي طَاعَتِهِ وَ الْأَجْدَى فِي خِدْمَتِهِ وَ كَذَلِكَ لَا يُؤَخِّرُ فِي مَرَاتِبِ الدِّينِ وَ جَلَالِهِ إِلَّا أَشَدَّهُمْ تَبَاطُؤاً عَنْ طَاعَتِهِ- وَ إِذَا كَانَ هَذَا صِفَتَهُ لَمْ يَنْظُرْ إِلَى مَالٍ وَ لَا إِلَى حَالٍ بَلْ هَذَا الْمَالُ وَ الْحَالُ مِنْ تَفَضُّلِهِ وَ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ عِبَادِهِ عَلَيْهِ ضَرِيبَةٌ لازب‌[2] [لَازِمَةٌ] فَلَا يُقَالُ لَهُ إِذَا تَفَضَّلْتَ بِالْمَالِ عَلَى عَبْدٍ فَلَا بُدَّ أَنْ تَتَفَضَّلَ عَلَيْهِ بِالنُّبُوَّةِ أَيْضاً لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ إِكْرَاهُهُ عَلَى خِلَافِ مُرَادِهِ وَ لَا إِلْزَامُهُ تَفَضُّلًا لِأَنَّهُ تَفَضَّلَ قَبْلَهُ بِنِعَمِهِ أَ لَا تَرَى يَا عَبْدَ اللَّهِ كَيْفَ أَغْنَى وَاحِداً وَ قَبَّحَ صُورَتَهُ وَ كَيْفَ حَسَّنَ صُورَةَ وَاحِدٍ وَ أَفْقَرَهُ وَ كَيْفَ شَرَّفَ وَاحِداً وَ أَفْقَرَهُ وَ كَيْفَ أَغْنَى وَاحِداً وَ وَضَعَهُ ثُمَّ لَيْسَ لِهَذَا الْغَنِيِّ أَنْ يَقُولَ هَلَّا أُضِيفَ إِلَى يَسَارِي جَمَالُ فُلَانٍ وَ لَا لِلْجَمِيلِ أَنْ يَقُولَ هَلَّا أُضِيفَ إِلَى جَمَالِي مَالُ فُلَانٍ وَ لَا لِلشَّرِيفِ أَنْ يَقُولَ هَلَّا أُضِيفَ إِلَى شَرَفِي مَالُ فُلَانٍ وَ لَا لِلْوَضِيعِ أَنْ يَقُولَ هَلَّا أُضِيفَ إِلَى ضِعَتِي شَرَفُ فُلَانٍ وَ لَكِنَّ الْحُكْمَ لِلَّهِ يَقْسِمُ كَيْفَ يَشَاءُ


[1] و في بعض النسخ« خربة» و هي العيب و العورة و الذلة.

[2] الضريبة: التي تؤخذ في الجزية و نحوها و اللازب: اللازم الشديد اللزوم.

اسم الکتاب : الإحتجاج المؤلف : الطبرسي، أبو منصور    الجزء : 1  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست