responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحتجاج المؤلف : الطبرسي، أبو منصور    الجزء : 1  صفحة : 31

مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ يَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً[1] وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ يَا مُحَمَّدُ فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى‌ إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ‌[2] الْآيَةَ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَا مُحَمَّدُ وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَ لَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ إِلَى قَوْلِهِ‌ وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ‌[3] فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا عَبْدَ اللَّهِ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَنِّي آكُلُ الطَّعَامَ كَمَا تَأْكُلُونَ وَ زَعَمْتَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَجْلِ هَذَا أَنْ أَكُونَ لِلَّهِ رَسُولًا فَإِنَّمَا الْأَمْرُ لِلَّهِ تَعَالَى‌ يَفْعَلُ ما يَشاءُ* وَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ وَ هُوَ مَحْمُودٌ وَ لَيْسَ لَكَ وَ لَا لِأَحَدٍ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِلِمَ وَ كَيْفَ أَ لَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ كَيْفَ أَفْقَرَ بَعْضاً وَ أَغْنَى بَعْضاً وَ أَعَزَّ بَعْضاً وَ أَذَلَّ بَعْضاً وَ أَصَحَّ بَعْضاً وَ أَسْقَمَ بَعْضاً وَ شَرَّفَ بَعْضاً وَ وَضَعَ بَعْضاً وَ كُلُّهُمْ مِمَّنْ يَأْكُلُ الطَّعَامَ ثُمَّ لَيْسَ لِلْفُقَرَاءِ أَنْ يَقُولُوا لِمَ أَفْقَرْتَنَا وَ أَغْنَيْتَهُمْ وَ لَا لِلْوُضَعَاءِ أَنْ يَقُولُوا لِمَ وَضَعْتَنَا وَ شَرَّفْتَهُمْ وَ لَا لِلزَّمْنَى‌[4] وَ الضُّعَفَاءِ أَنْ يَقُولُوا لِمَ أَزْمَنْتَنَا وَ أَضْعَفْتَنَا وَ صَحَّحْتَهُمْ وَ لَا لِلْأَذِلَّاءِ أَنْ يَقُولُوا لِمَ أَذْلَلْتَنَا وَ أَعْزَزْتَهُمْ وَ لَا لِقِبَاحِ الصُّوَرِ أَنْ يَقُولُوا لِمَ قَبَّحْتَنَا وَ جَمَّلْتَهُمْ بَلْ إِنْ قَالُوا ذَلِكَ كَانُوا عَلَى رَبِّهِمْ رَادِّينَ وَ لَهُ فِي أَحْكَامِهِ مُنَازِعِينَ وَ بِهِ كَافِرِينَ وَ لَكَانَ جَوَابُهُ لَهُمْ أَنَا الْمَلِكُ الْخَافِضُ الرَّافِعُ الْمُغْنِي الْمُفْقِرُ الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ الْمُصَحِّحُ الْمُسْقِمُ وَ أَنْتُمُ الْعَبِيدُ لَيْسَ لَكُمْ إِلَّا التَّسْلِيمُ لِي وَ الِانْقِيَادُ لِحُكْمِي فَإِنْ سَلَّمْتُمْ كُنْتُمْ عِبَاداً مُؤْمِنِينَ وَ إِنْ أَبَيْتُمْ كُنْتُمْ بِي كَافِرِينَ وَ بِعُقُوبَاتِي مِنَ الْهَالِكِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَا مُحَمَّدُ قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ‌ يَعْنِي آكُلُ الطَّعَامَ وَ يُوحى‌ إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ[5] يَعْنِي قُلْ لَهُمْ أَنَا فِي الْبَشَرِيَّةِ مِثْلُكُمْ وَ لَكِنْ رَبِّي خَصَّنِي بِالنُّبُوَّةِ دُونَكُمْ كَمَا يَخُصُّ بَعْضَ الْبَشَرِ بِالْغِنَى وَ الصِّحَّةِ وَ الْجَمَالِ دُونَ بَعْضٍ مِنَ الْبَشَرِ فَلَا تُنْكِرُوا أَنْ يَخُصَّنِي أَيْضاً بِالنُّبُوَّةِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَمَّا قَوْلُكَ هَذَا مَلِكُ الرُّومِ وَ مَلِكُ الْفُرْسِ لَا يَبْعَثَانِ رَسُولًا إِلَّا كَثِيرَ الْمَالِ عَظِيمَ الْحَالِ لَهُ قُصُورٌ وَ دُورٌ وَ فَسَاطِيطُ وَ خِيَامٌ وَ عَبِيدٌ وَ خُدَّامٌ وَ رَبُّ الْعَالَمِينَ فَوْقَ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ فَهُمْ عَبِيدُهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَهُ التَّدْبِيرُ وَ الْحُكْمُ لَا يَفْعَلُ عَلَى ظَنِّكَ وَ حُسْبَانِكَ وَ لَا بِاقْتِرَاحِكَ بَلْ‌ يَفْعَلُ ما يَشاءُ* وَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ وَ هُوَ مَحْمُودٌ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّمَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ وَ يَدْعُوَهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ وَ يَكِدَّ[6] نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ آنَاءَ اللَّيْلِ وَ نَهَارَهُ فَلَوْ كَانَ صَاحِبَ قُصُورٍ يَحْتَجِبُ فِيهَا وَ عَبِيدٍ وَ خَدَمٍ يَسْتُرُونَهُ عَنِ النَّاسِ أَ لَيْسَ كَانَتِ الرِّسَالَةُ تَضِيعُ وَ الْأُمُورُ تَتَبَاطَأُ أَ وَ مَا تَرَى الْمُلُوكَ إِذَا احْتَجَبُوا كَيْفَ يَجْرِي الْفَسَادُ وَ الْقَبَائِحُ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ بِهِ وَ لَا يَشْعُرُونَ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّمَا بَعَثَنِيَ اللَّهُ وَ لَا مَالَ لِي لِيُعَرِّفَكُمْ قُدْرَتَهُ وَ قُوَّتَهُ وَ أَنَّهُ هُوَ النَّاصِرُ لِرَسُولِهِ وَ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى قَتْلِهِ وَ لَا مَنْعِهِ فِي رِسَالاتِهِ فَهَذَا بَيِّنٌ فِي قُدْرَتِهِ وَ فِي عَجْزِكُمْ وَ سَوْفَ يُظْفِرُنِي اللَّهُ بِكُمْ فَأَسَعُكُمْ قَتْلًا وَ أَسْراً ثُمَّ يُظْفِرُنِي اللَّهُ بِبِلَادِكُمْ وَ يَسْتَوْلِي عَلَيْهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ دُونِكُمْ وَ دُونِ مَنْ يُوَافِقُكُمْ عَلَى دِينِكُمْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَمَّا قَوْلُكَ لِي لَوْ كُنْتَ نَبِيّاً لَكَانَ مَعَكَ مَلَكٌ يُصَدِّقُكَ وَ نُشَاهِدُهُ بَلْ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْنَا نَبِيّاً لَكَانَ إِنَّمَا يَبْعَثُ مَلَكاً لَا بَشَراً مِثْلَنَا فَالْمَلَكُ لَا تُشَاهِدُهُ حَواسُّكُمْ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ هَذَا الْهَوَاءِ لَا عِيَانَ مِنْهُ وَ لَوْ شَاهَدْتُمُوهُ بِأَنْ يُزَادَ فِي قُوَى أَبْصَارِكُمْ لَقُلْتُمْ لَيْسَ هَذَا مَلَكاً بَلْ هَذَا بَشَرٌ-


[1] الفرقان: 10.

[2] هود: 12.

[3] الأنعام 8 و 9.

[4] الزمنى: الذين ألم بهم المرض، المرضى.

[5] الكهف: 110.

[6] الكد: الالحاح و الشدة في الطلب.

اسم الکتاب : الإحتجاج المؤلف : الطبرسي، أبو منصور    الجزء : 1  صفحة : 31
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست