وَ الِاسْتِعْدَادَ لَهَا فَأَصْبَحَتْ قُلُوبُكُمْ فَارِغَةً مِنْ ذِكْرِهَا شَغَلْتُمُوهَا بِالْأَعَالِيلِ وَ الْأَضَالِيلِ فَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ وَ كَيْفَ لَا أَعْجَبُ مِنِ اجْتِمَاعِ قَوْمٍ عَلَى بَاطِلِهِمْ وَ تَخَاذُلِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَنْتُمْ كَأُمِّ مخالد [مُجَالِدٍ] حَمَلَتْ فَأَمْلَصَتْ[1] فَمَاتَ قَيِّمُهَا وَ طَالَ أَيِّمُهَا[2] وَ وَرِثَهَا أَبْعَدُهَا وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمُ الْأَغْبَرَ الْأَدْبَرَ جَهَنَّمَ الدُّنْيَا لا تُبْقِي وَ لا تَذَرُ وَ مَنْ بَعْدَهُ النَّهَّاشُ الْفَرَّاسُ الْجَمُوعُ الْمَنُوعُ ثُمَّ لَيَتَوَارَثَنَّكُمْ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ عِدَّةٌ مَا الْآخِرُ مِنْهُمْ بِأَرَقَّ بِكُمْ مِنَ الْأَوَّلِ مَا خَلَا وَاحِداً[3] بَلَاءٌ قَضَاهُ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا مَحَالَةَ كَائِنٌ يَقْتُلُونَ أَخْيَارَكُمْ وَ يَسْتَعْبِدُونَ أَرْذَالَكُمْ وَ يَسْتَخْرِجُونَ كُنُوزَكُمْ وَ ذَخَائِرَكُمْ فِي جَوْفِ حِجَالِكُمْ نَقِمَةً بِمَا صَنَعْتُمْ مِنْ أُمُورِكُمْ وَ صَلَاحِ أَنْفُسِكُمْ وَ دِينِكُمْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَكُونُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ لِتَكُونُوا مِنْهُ عَلَى حَذَرٍ وَ لِتُنْذِرُوا بِهِ مَنِ اتَّعَظَ وَ اعْتَبَرَ كَأَنِّي بِكُمْ تَقُولُونَ إِنَّ عَلِيّاً يَكْذِبُ كَمَا قَالَتْ قُرَيْشٌ لِنَبِيِّهَا ص وَ سَيِّدِهَا نَبِيِّ الرَّحْمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَيَا وَيْلَكُمْ فَعَلَى مَنْ أَكْذِبُ أَ عَلَى اللَّهِ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ عَبَدَهُ وَ وَحَّدَهُ أَمْ عَلَى رَسُولِهِ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ صَدَّقَهُ وَ نَصَرَهُ كَلَّا وَ لَكِنَّهَا لَهْجَةُ خُدْعَةٍ كُنْتُمْ عَنْهَا أَغْنِيَاءَ وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهَا بَعْدَ حِينٍ وَ ذَلِكَ إِذْ صَيَّرَكُمْ إِلَيْهَا جَهْلُكُمْ وَ لَا يَنْفَعُكُمْ عِنْدَهَا عِلْمُكُمْ فَقُبْحاً لَكُمْ يَا أَشْبَاهَ الرِّجَالِ وَ لَا رِجَالَ حُلُومُ الْأَطْفَالِ وَ عُقُولُ رَبَّاتِ الْحِجَالِ[4] أَمَا وَ اللَّهِ أَيُّهَا الشَّاهِدَةُ أَبْدَانُهُمْ الْغَائِبَةُ عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ الْمُخْتَلِفَةُ أَهْوَاؤُهُمْ[5] مَا أَعَزَّ اللَّهُ نَصْرَ مَنْ دَعَاكُمْ وَ لَا اسْتَرَاحَ قَلْبُ مَنْ قَاسَاكُمْ[6] وَ لَا قَرَّتْ عَيْنُ مَنْ آوَاكُمْ كَلَامُكُمْ يُوهِنُ الصُّمَّ الصِّلَابَ[7] وَ فِعْلُكُمْ يُطْمِعُ فِيكُمْ عَدُوَّكُمُ الْمُرْتَابَ وَيْحَكُمْ أَيَّ دَارٍ بَعْدَ دَارِكُمْ تَمْنَعُونَ وَ مَعَ أَيِّ إِمَامٍ بَعْدِي تُقَاتِلُونَ الْمَغْرُورُ وَ اللَّهِ مَنْ غَرَرْتُمُوهُ وَ مَنْ فَازَ بِكُمْ فَازَ بِالسَّهْمِ الْأَخْيَبِ أَصْبَحْتُ لَا أَطْمَعُ فِي نُصْرَتِكُمْ- وَ لَا أُصَدِّقُكُمْ قَوْلَكُمْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ أَعْقَبَنِي بِكُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْكُمْ وَ أَعْقَبَكُمْ بِي مَنْ هُوَ شَرٌّ لَكُمْ مِنِّي إِمَامُكُمْ يُطِيعُ اللَّهَ وَ أَنْتُمْ تَعْصُونَهُ وَ إِمَامُ أَهْلِ الشَّامِ يَعْصِي اللَّهَ وَ هُمْ يُطِيعُونَهُ وَ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ صَارَفَنِي بِكُمْ صَرْفَ الدِّينَارِ بِالدِّرْهَمِ فَأَخَذَ مِنِّي عَشَرَةً مِنْكُمْ وَ أَعْطَانِي وَاحِداً مِنْهُمْ وَ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ وَ لَمْ تَعْرِفُونِي فَإِنَّهَا مَعْرِفَةٌ جَرَّتْ نَدَماً لَقَدْ وَرَّيْتُمْ صَدْرِي غَيْظاً وَ أَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ أَمْرِي بِالْخِلَافِ وَ الْعِصْيَانِ حَتَّى لَقَدْ قَالَتْ قُرَيْشٌ إِنَّ عَلِيّاً رَجُلٌ شُجَاعٌ لَكِنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِالْحُرُوبِ لِلَّهِ دَرُّهُمْ هَلْ كَانَ فِيهِمْ أَحَدٌ أَطْوَلَ لَهَا مِرَاساً مِنِّي وَ أَشَدَّ بِهَا مُقَاسَاةً[8] لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا وَ مَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ ثُمَّ هَا أَنَا قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِّتِّينَ لَكِنْ لَا أَمْرَ لِمَنْ لَا يُطَاعُ أَمَا وَ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ رَبِّي قَدْ أَخْرَجَنِي مِنْ بَيْنِ
[1] املصت المرأة: اسقطت.
[2] الأيم: التي مات زوجها.
[3] هو عمر بن عبد العزيز.
[4] الحجال- جمع حجلة- و هي الغرفة و ربات الحجال النساء.
[5] الأهواء- جمع هوى- و هو ما تميل إليه النفس محمودا كان أو مذموما ثمّ غلب في الاستعمال على غير المحمود.
[6] قاساكم: قهركم.
[7] الصم- جمع أصم- و هو من الحجارة الصلب المصمت و الصلاب- جمع صليب- و هو الشديد.
[8] أي: أطول ممارسة و أشدّ معالجة.