وليس صحيحا
كذلك ما ذهب إليه البعض من أنه لا شك أن إشارات القرآن الكريم إلى كثير من القصص ،
إنما هو دليل على أنها كانت من القصص الشعبي السائد الذي كان يتداوله الناس في
بلاد العرب [٤] ، ذلك لأن العرب ما كانوا يعرفون شيئا عن كثير من قصص
القرآن ، وعلى سبيل المثال ، فإن القرآن الكريم يختم قصة نوح بقوله تعالى (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ
نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا» ، فلو كان العرب يعرفون هذه القصة مثلا ، وأنها كانت
من قصصهم الشعبي الذي يتداولونه في أسمارهم ، أفكان العرب ـ وفيهم أشد أعداء النبي
ـ من يسكت على قوله تعالى (ما كُنْتَ تَعْلَمُها
أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا»؟ أليس من المنطق أن أعداء المصطفى ، (صلىاللهعليهوسلم) ـ وقد كانوا دائما على يقظة يتمنون أقل ثغرة ، ليوجهوا
من خلالها ضرباتهم ، ويحولوها إلى سخرية واستهزاء ـ سوف يجيبونه أنهم يعرفون القصة
، بل وأنها من أساطيرهم التي تفيض بها مجالسهم ونواديهم ، ولكن التاريخ لم يحدثنا
عمن أنكر على الرسول هذه الآية الكريمة ، مما يدل على أن ما جاء به القرآن الكريم
[١] سورة المائدة :
آية ٤٨ ، وأنظر تفسير أبي السعود ٣ / ٣٣ وتفسير الكشاف ١ / ٦٣٩ ـ ٦٤٠ ، تفسير روح
المعاني ٦ / ١٥١ ـ ١٥٥ ، تفسير الطبرسي ٦ / ١١٠ ـ ١١٣ ، في ظلال القرآن ٦ / ١٧٨ ـ ١٨٢
(دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ١٩٦١) ، تفسير الطبري ١٠ / ٣٧٧ ـ ٣٩١ (دار
المعارف ـ القاهرة ١٩٥٧)