اسم الکتاب : دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم المؤلف : محمد بيومي مهران الجزء : 1 صفحة : 315
لهم البلاد ، وأذعن لطاعتهم العباد ، فصاروا تاج الأرض [١].
وبقي القوم على
هذه الحال حينا من الدهر ، لا يدري الأخباريون مداه على وجه التحقيق ، أعرضوا بعده
عن شكر الله على نعمائه ، وانغمس امراؤهم في الترف والملذات ، واللهو والشهوات ،
منصرفين عن تدبير الملك ورعايته ، ومن ثم فقد بعث الله إليهم ثلاثة عشر نبيا ،
فدعوهم إلى الله وذكروهم بنعمه عليهم ، وأنذروهم عقابه ، فأعرضوا ، وقالوا ما نعرف
لله علينا من نعمة ، وكان نتيجة ذلك كله ، إن سلط الله عليهم سيل العرم ، فحمل
السد وذهب بالجنان وكثير من الناس.
وهنا يجنح
الأخباريون إلى الأساطير ، فيرون أن القوم إنما كانوا يعلمون ـ عن طريق كهانهم ـ إنما
يخرب عليهم سدهم هذا فأرة ، فلم يتركوا فرجة بين حجرين ، إلا ربطوا عندها هرة ،
وتمر الأيام ويصبح سيد القوم «عمرو بن عامر» الأزدي ، فيرى ـ فيما يرى النائم ـ كأنه
انبثق عليه الردم فسال الوادي ، فأصبح مكروبا ، فانطلق نحو الردم ، فرأى الجرذ
يحفر بمخاليب من حديد ، ويقرض بأنياب من حديد ، فانصرف إلى أهله وأخبرهم بالأمر ،
ثم إنهم عمدوا إلى هرة ، فأخذوها وأتوا إلى الجرذ ، فصار الجرذ يحفر ولا يكترث
بالهرة ، فولت هاربة.
على أن رواية
أخرى تذهب إلى أن ذلك إنما كان من امرأة له كاهنة ـ يقال لها طريفة ـ رأت في
منامها أن سحابة غشيت أرضهم فأرعدت وأبرقت ثم صعقت فأحرقت كل ما وقعت عليه ، ففزعت
طريفه لذلك وأتت عمرا وأخبرته بالأمر ، فهدأها ، ثم دخل حديقة له ومعه جاريتان من
[١] الدميري ١ / ٤٤٥
، تفسير الطبري ٢٢ / ٧٧ ـ ٨٥ ، مروج الذهب ٢ / ١٦١ ـ ١٦٢ ، وفاء الوفا ١ / ١١٦ ـ ١١٧
، روح المعاني ٢٢ / ١٢٦ ـ ١٢٧ ، ابن كثير ٢ / ١٥٩ ، ياقوت ٥ / ٣٥ ، تفسير القرطبي
٢ / ٢٨٩ ـ ٢٩٠ ، تفسير الجلالين (نسخة على هامش البيضاوي ٢ / ٢٥٨
اسم الکتاب : دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم المؤلف : محمد بيومي مهران الجزء : 1 صفحة : 315