اسم الکتاب : دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم المؤلف : محمد بيومي مهران الجزء : 1 صفحة : 293
الله تعالى بالصيحة ، ومرة إلى أصحاب الأيكة فأخذهم الله تعالى بعذاب يوم
الظلة [١] ، وأخيرا فهناك فريق ثالث زعم أن شعيبا إنما أرسل إلى أمم ثلاث ، حيث
أضافوا إلى أهل مدين وأصحاب الأيكة ، أصحاب الرس [٢].
والرأي عندي أن
الأمر غير ذلك تماما ، لأسباب كثيرة ، منها (أولا) أن الأنبياء إنما تبعث في
أقوامها ، لأن القوم سيكونون أفهم لقول النبي من قول غيره ، وأعرف بحاله في صدقه
وأمانته وشرف أصله [٣] ، ومنها (ثانيا) لمعرفة النبي بلسان قومه ، تصديقا
لقوله تعالى «وَما
أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ» [٤] ، ومنها (ثالثا) أن ما جاء في سورة الشعراء من وصف
لأصحاب الأيكة [٥] ، إنما يتفق وما جاء في غيرها من وصف لأهل مدين ، مما
يدل على أن أهل مدين ، إنما هم أنفسهم أصحاب الأيكة [٦] ، ومنها (رابعا) أن أنواع العقاب التي أنزلها الله
سبحانه وتعالى بالقوم ، لا تعني أنهم أقوام عدة ، وإنما تعني أن الله قد أخبر عنهم
في كل سورة بما يناسب سياقها ، ففي سورة الأعراف رجف القوم نبي الله وأصحابه
وتوعدوهم بالإخراج من قريتهم أو ليعودن في ملتهم ، فقال تعالى «فَأَخَذَتْهُمُ
الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ» [٧] ، فقابل الإرجاف بالرجفة ، وأما في سورة هود فذكر أنهم
أخذتهم الصيحة
[١] تفسير روح
المعاني ٨ / ١٧٥ ، ٩ / ٦ ، وأنظر ١٤ / ٧٥