اسم الکتاب : دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم المؤلف : محمد بيومي مهران الجزء : 1 صفحة : 259
وليس يهمنا هنا
أن تكون الرواية صحيحة ، أو لا تكون ، فذلك شأن من يعتقدون أن لهذا القصص نصيبا من
صواب ، وإنما الذي يهمنا هنا أن الذين يروون هذا القصص هم أنفسهم الذين يضعون هودا
وقومه في مرحلة تاريخية سابقة لعهد الخليل عليهالسلام ، وهم في الوقت نفسه يرون أن مكة لم تعمر إلا منذ عهد
إبراهيم ، وربما بعده ، «رَبَّنا
إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ
الْمُحَرَّمِ ، رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ
تَهْوِي إِلَيْهِمْ ، وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ» [١] ، فضلا عن أن الشعر الذي يرونه في هذه المناسبة ، لا
يمكن أن يكون من ذلك العهد الغابر ، ولعله في أغلب الظن شعر منحول.
وأما قصة قبره عليهالسلام في فلسطين ، فربما كانت ترتبط بالروايات التي تجعل قوم
عاد من شمال شبه الجزيرة العربية ، وليس من جنوبها ، فإذا كان ذلك كذلك ، فربما
كانت تحمل نصيبا من صواب.
(٧) عصر قوم هود
لا شك أن
الحديث عن تحديد عصر لقوم هود ، إنما هو أمر بالغ الصعوبة ، فالقصة ـ كما قلنا ـ قرآنية
صرفة ، وليس في القرآن الكريم ـ أو في السنة النبوية الشريفة ـ إشارة صريحة إلى
ذلك ، والآثار صامتة تماما في هذا المجال ، وليس هناك أي نوع من الوثائق التاريخية
التي يمكن للمؤرخ أن يعتمد عليها في الوصول إلى نتيجة يظن أنها الصواب ، أو
[١] سورة إبراهيم :
آية ٣٧ ، وانظر تفسير النسفي ٢ / ٢٦٣ ـ ٢٦٤ ، تفسير القرطبي ٩ / ٣٦٨ ـ ٢٧٤ ، تفسير
الكشاف ٢ / ٣٨٠ ، تفسير ابن كثير ٤ / ١٤١ ـ ١٤٢ ، تفسير الطبري ١٣ / ٢٢٩ ـ ٢٣٥ ،
الدرر المنثور ٤ / ٨٦ ـ ٨٧.
اسم الکتاب : دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم المؤلف : محمد بيومي مهران الجزء : 1 صفحة : 259