responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهج البلاغه با ترجمه فارسى روان المؤلف : مكارم شيرازى، ناصر    الجزء : 1  صفحة : 348

الرسول الاعظم‌

فَتَأَسَّ بِنَبِيِّكَ الْأَطْيَبِ الْأَطْهَرِ صلى الله عليه و آله فَإِنَّ فِيهِ أُسْوَةً لِمَنْ تَأَسَّى، وَ عَزَاءً لِمَنْ تَعَزَّى. وَ أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ الْمُتَأَسِّي بِنَبِيِّهِ، وَ الْمُقْتَصُّ لِأَثَرِهِ. قَضَمَ الدُّنْيَا قَضْماً، وَ لَمْ يُعِرْهَا طَرْفاً. أَهْضَمُ أَهْلِ الدُّنْيَا كَشْحاً، وَ أَخْمَصُهُمْ مِنَ الدُّنْيَا بَطْناً عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا. وَ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَبْغَضَ شَيْئاً فَأَبْغَضَهُ، وَ حَقَرَ شَيْئاً فَحَقَّرَهُ، وَ صَغَّرَ شَيْئاً فَصَغَّرَهُ. وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِينَا إِلَّا حُبُّنَا مَا أَبْغَضَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ، وَ تَعْظِيمُنا مَا صَغَّرَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ، لَكَفَى بِهِ شِقَاقاً لِلَّهِ، وَ مُحَادَّةً عَنْ أَمْرِ اللَّهِ. وَ لَقَدْ كَانَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ- يَأْكُلُ عَلَى الْأَرْضِ، وَ يَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ، وَ يَخْصِفُ بِيَدِهِ نَعْلَهُ، وَ يَرْقَعُ بِيَدِهِ ثَوْبَهُ، وَ يَرْكَبُ الْحِمَارَ الْعَارِيَ، وَ يُرْدِفُ خَلْفَهُ، وَ يَكُونُ السِّتْرُ عَلَى بَابِ بَيْتِهِ فَتَكُون فِيهِ التَّصَاوِيرُ فَيَقُولُ: «يَا فُلَانَةُ- لِإِحْدَى أَزْوَاجِهِ- غَيِّبِيهِ عَنِّي فَإِنِّي إِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ ذَكَرْتُ الدُّنْيَا وَ زَخَارِفَهَا» فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا بِقَلْبِهِ، وَ أَمَاتَ ذِكْرَهَا مِنْ نَفْسِهِ، وَ أَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ زِينَتُهَا عَنْ عَيْنِهِ، لِكَيْلا يَتَّخِذَ مِنْهَا رِيَاشاً، وَ لا يَعْتَقِدَهَا قَرَاراً، وَ لَا يَرْجُوَ فِيهَا مُقَاماً، فَأَخْرَجَهَا مِنَ النَّفْسِ وَ أَشْخَصَهَا عَنِ الْقَلْبِ، وَ غَيَّبَهَا عَنِ الْبَصَرِ. وَ كَذَلِكَ مَنْ أَبْغَضَ شَيْئاً أَبْغَضَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَ أَنْ يُذْكَرَ عِنْدَهُ.

وَ لَقَدْ كَانَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله مَا يَدُلُّكَ عَلَى مَسَاوِى‌ءٍ الدُّنْيَا وَ عُيُوبِهَا. إِذْ جَاعَ فِيهَا مَعَ خَاصَّتِهِ، وَ زُوِيَتْ عَنْهُ زَخَارِفُهَا مَعَ عَظِيمِ زُلْفَتِهِ. فَلْيَنْظُرْ نَاظِرٌ بِعَقْلِهِ، أَكْرَمَ اللَّهُ مُحَمَّداً بِذلِكَ أَمْ أَهَانَهُ! فَإِنْ قَالَ: أَهَانَهُ، فَقَدْ كَذَبَ- وَ اللَّهِ الْعَظِيمِ- بِالْإِفْكِ الْعَظِيمِ، وَ إِنْ قَالَ: أَكْرَمَهُ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهَانَ غَيْرَهُ حَيْثُ بَسَطَ الدُّنْيَا لَهُ، وَ زَوَاهَا عَنْ أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْهُ. فَتَأَسَّى مُتَأَسِّ بِنَبِيِّهِ، وَ اقْتَصَّ أَثَرَهُ، وَ وَلَجَ مَوْلِجَهُ،

اسم الکتاب : نهج البلاغه با ترجمه فارسى روان المؤلف : مكارم شيرازى، ناصر    الجزء : 1  صفحة : 348
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست