responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 618

2. إنّ منشأ الحقوق في المذهب الوضعيّ للحقوق هو إرادة من يتمتّعون بالصلاحية في جهاز الحكومة، وينبغي البحث عن القوى والعوامل المؤثّرة في ا رادة الدولة في عملية صياغة تلك القوانين والقواعد الحقوقية.

1. المذهب الوضعي الاجتماعي‌

وهذا المذهب هو حصيلة جهود علماء الاجتماع الذين يرون أنّ المجتمع بمثابة كائن حيّ يفترق عن العناصر المكوّنة له، وأنّ الأصول والقواعد الحاكمة عليه مثل الأصول والقواعد الحاكمة على سائر الموجودات الحية.

وبالنسبة للمبتكر والمؤسّس لهذا النمط من علم الاجتماع الذي يقوم على أساس المذهب الوضعيّ الاجتماعيّ من هو؟ فهناك اختلاف في ذلك، فبعض المفكّرين يعتقد بأنّ مؤسّس علم الاجتماع العلمي هو الاشتراكي الفرنسي المعروف سان سيمون (1760- 1825) لأنّه أعلن بصراحة أنّ المجتمع البشريّ بمثابة كائن حيّ وله وجود وضعيّ.

وذهب آخرون إلى أنّ عالم الحقوق الفرنسي (مونتسكيو) هو المؤسس لعلم الاجتماع الحديث، لأنّه تحرّك في جميع فصول كتابه «روح القوانين» على مستوى البحث في القوانين الحاكمة على المجتمعات البشرية.

ولكن بعض علماء الحقوق المعاصرين يرون أنّ العالم والمؤرّخ التونسي ابن خلدون، الذي كان يعيش في القرن الرابع عشر الميلادي قد سبق سان سيمون ومونتسكيو في عملية تأسيس علم الاجتماع بعدّة قرون، وقد بحث ابن خلدون الظواهر الاجتماعية من خلال التحقيق الدقيق في حركة التاريخ والطبيعة الاجتماعية للإنسان، وملامح المجتمع البدويّ والمدنيّ ودور الدولة، والمعادلات الاقتصادية في عملية التفاعل الاجتماعي، كلّ ذلك على أساس المنهجية العقلية التجريبية [1].

لكن مع الأسف فإنّ كتابات ابن خلدون قد تراكم عليها غبار النسيان والإهمال لعدّة قرون، وعندما تمّ اكتشاف هذه الآراء لابن خلدون، كان علم الاجتماع قد خطا خطوات كبيرة، ودخلت مناهج أخرى في هذا النمط من الدراسات، فالمبنى العلميّ لعلم الاجتماع في العصر الحاضر يقوم على أساس آراء اجوست كونت‌واميل دوركايم، وهنا نستعرض جملة من هذه الآراء والمقولات:

اجوست كونت‌ [2] (1757- 1798):.

يرى اجوست كونت وأتباعه أنّ الأخلاق والدين لا يؤثّران في إيجاد الحقوق، والمبنى الأصليّ في تشكيل القواعد الحقوقية هو الوجدان العام في واقع المجتمع البشريّ، وتقوم فلسفة اجوست كونت على أساس عنصر المشاهدة والتجربة واجتناب كلّ ما يدخل في المفاهيم المجرّدة الماورائية. والبشرية في نظر اجوست كونت قد مرّت في مسيرتها التاريخية بثلاث مراحل:

1. مرحلة الدين، حيث كان الإنسان القديم يتصوّر أنّ جميع القوى المؤثّرة في الطبيعة عبارة عن اللَّه المتجسّد في هذه الظواهر. وفي هذه المرحلة كانت‌


[1]. فلسفة الحقوق، ج 1، ص 242 (بالفارسيّة).

[2].2 .Auguste Conte .

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 618
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست