responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 617

يكون رمادياً، فهذا المطلب لا يمكن إثباته ونقله إلى من ينكر هذه القيمة ولا يرى جمال اللون الرمادي.

وهذا يعني أنّ قيمة أمر معيّن في ذائقة شخص خاصّ لا تكون دليلًا على لزوم أن يكون شخص آخر مقتنعاً بهذا الذوق.

والإشكال الوارد على هذه النظرية هو أنّه لدينا ثلاثة أنحاء من «الوجوب» أو ما ينبغي:

ألف) الواجبات التي تعكس ذوق خاصّ للأفراد، وهذه نسبيّة بطبيعتها.

ب) الواجبات التكوينية التي تعكس ضرورة وجود المعلول مع وجود علّته التامّة، وتحكي عن واقع خارجيّ من قبيل أن يقال: يجب أن تبلغ درجة حرارة الماء ماءة درجة مئوية لتحقيق ظاهرة الغليان.

ج) الواجبات التي تتّصل بالقوانين والعلاقات الاجتماعية التي تقع في دائرة الاعتبار وتملك خاصيّة شمولية، وهذه الواجبات وإن كانت في حدّ ذاتها اعتبارية ولكنّ منشأ اعتبارها هو الواقع الخارجي والحقائق الموضوعية في واقع الأمر. وعليه فهي غير نسبية، من قبيل أن يقول المقنّن: يجب على كلّ شخص دفع الضرائب. وهذا الوجوب ناشى‌ء من ضرورة توفير النفقات الخاصّة بالخزانة التي تفضي إلى إيجاد النظم في عملية إدارة أمور المجتمع.

والنتيجة أنّ ما يرتبط بالنظام الحقوقيّ من هذه الأشكال للوجوب، هو القسم الثالث منها، أي الواجبات المنتجة للقيم الحقوقية وما ينبغي فعله أو ما لا ينبغي، وليست من القسم الأوّل وهي التي تقع في دائرة الواجبات النسبية، وعليه فكون هذه الواجبات إنشائية في مقام البيان والخطاب من قبيل أنّ كلّ شخص يجب عليه دفع الضرائب أو يجب عليه إطاعة قوانين المرور، لا يعني كونها نسبية وتابعة لذوق الأشخاص وسليقتهم‌ [1].

الرابع: المذاهب الوضعيّة

هذه المذاهب التي تقوم على أساس الحقائق الخارجية تنقسم إلى قسمين: إجتماعية وحقوقية:

1. بالنسبة للمذهب الوضعي الاجتماعي، فإنّ مبنى القواعد الحقوقية في الإرادة العامّة والحوادث الاجتماعية، وطبقاً لهذه النظرية فإنّ الملاك الحقوقيّ لا ينشأ من إرادة الفرد ولا من الدولة، بل إنّ اعتبار كلّ قاعدة حقوقية يرتبط بميزان احترامها في واقع الحياة الاجتماعية، كما ذهب أحد علماء الحقوق في تعريفه للحقوق: إنّ حقوق كلّ دولة تمثّل مجموعة القواعد الصادرة في زمان معيّن من قِبل المحاكم وسائر الأشخاص الذين يعملون في دائرة الحقوق، حتّى لو تصوّر الناس صحّتها أو خطأها، مفيدة أو مضرّة [2].

وعلى هذا الأساس، فلو تمّ وضع قانون من قِبل الدولة ولكنّه أصبح مهجوراً في الواقع العمليّ ولم يكن له أيّ أثر في الحياة الاجتماعية، فإنّه لا ينبغي عدّه من جملة الحقوق، والعكس صحيح، فالقواعد والتقاليد الصادرة من العرف والتي يتمّ رعايتها والالتزام بها من قِبل أفراد المجتمع، تعدّ من جملة القواعد الحقوقية حتّى لو لم تتدخّل الدولة في وضعها.


[1]. انظر: مقدمة على الحقوق الإسلامية، ج 2، ص 138 (بالفارسيّة).

[2]. المراد من هذه العبارة هو أنّه أحياناً يلتزم الناس بأمور معينة وفي ذات الوقت يعترضون عليها من قبيل تعيين صداق باهض في مسألة الزواج في المجتمع الإيراني المعاصر، فالناس وإن كانوا لا يقبلون بذلك، فإنّهم مع ذلك يلتزمون به على مستوى العمل.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 617
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست