responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 6

إنّ أول نتيجة من معطيات هذا النموّ والاتّساع للعلوم هو ظاهرة التخصّص واستقلال العلوم وانشعابها إلى فروع كثيرة جدّاً، وكلّ فرع منها يتفرّع بدوره إلى فروع كثيرة أخرى.

ومن البديهي أنّ كلّ شخص في مثل هذه الظروف لا يتمكن أن يكون متخصّصاً ومن أصحاب النظر إلّافي بعض هذه الفروع العلمية الخاصّة، وبالتالي فإنّ النتيجة الطبيعية لهذه الظاهرة هي الحاجة المتقابلة بين العلماء والمفكّرين.

العلوم الإنسانية والدينية:

ربّما يتصوّر البعض أنّ ما ذكر يصدق فقط بالنسبة للعلوم التجريبية، وأمّا بالنسبة للعلوم الإنسانية وخاصّة العلوم الدينية والإلهيّة فإنّها لم تشهد مثل هذا التحوّل والنموّ.

ولكنّ هذا التصوّر خطأ كبير ومجانب للصواب، لأنّ قافلة العلوم والمعارف لا تتوقّف في أيّ فرع من الفروع، فالعلوم الإنسانية، وخاصّة العلوم الإلهيّة، وبالأخصّ العلوم الإسلامية، شهدت تطوّراً سريعاً بموازاة العلوم الأخرى، لأنّ العلماء في منابع هذه العلوم «الكتاب والسنّة ودليل العقل» أنّ مهما تحرّكوا على مستوى التدبّر والتحقيق فيها، فإنّهم سيتوصّلون لحقائق جديدة.

ألم يقل النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله في الحديث المعروف عن القرآن الكريم: « (القرآن) بَحْرٌ لا تُحْصى‌ عَجائِبُهُ ولا يَشْبَعُ مِنْهُ عُلَماؤه وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ المَتِينُ وهو الصِّراطُ المُسْتَقِيمٌ فيه مَصابِيحُ الهُدى‌ وَمَنارُ الحِكْمَةِ» [1].

ألم يقل عليّ بن أبي طالب عليه السلام: «فِيهِ رَبيعُ القُلوبِ وَينابيعُ العِلْم، وَما لِلْقَلْبِ جَلاءٌ غَيْرُه» [2].

إنّ مفهوم‌ «لا تُحصى‌ عَجائِبُه» هو أنّنا كلّما تدبّرنا أكثر في بحر القرآن المتلاطم، فسوف نحصل على حقائق جديدة، ومفهوم‌ «فيه ينابيع العلم» هو أننا كلّما انتهلنا من منهل هذه العين الصافية فإنّنا لا نرتوي من معين مائها.

الواقع أنّ كتاب‌اللَّه هو المصداق البارز للشجرة المباركة التي «أَصلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماء* تُؤتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإذْنِ رَبِّها» [3].

أجل، فإنّ الإنسان كلّما مدّ يده لأغصان هذه الشجرة المباركة فإنّه سيقطف ثماراً جديدة.


[1]. كنز العمال، ج 2، ص 288 و 289، ح 4027.

[2]. نهج البلاغة، الخطبة 176.

[3]. سورة إبراهيم، الآية 24 و 25.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 6
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست