responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 540

حول «محور الشريعة» خلافاً لليهودية التي تقوم على أساس الشريعة وتعتبر الشريعة أصلًا محورياً لها. وقد بحث الفيلسوف الألماني «هيجل» معطيات ظهور الشريعة المسيحية في كتابه «استقرار الشريعة في الديانة المسيحية».

ومن أجل بيان صورة عن الشريعة المسيحية لابدّ من الالتفات إلى عدّة نقاط ضرورية.

1. إنّ جميع الأديان تطلب من أفراد البشر أن يعيشوا حياة أخلاقية ومعنوية، ولذلك جاءت بتعاليم ومقرّرات لتفعيل عناصر الخير والصلاح في وجدان الإنسان. وأمرت الناس برعاية هذه التعاليم وامتثال هذه الأوامر في هذه الدنيا ليتسنّى لهم تحقيق الفضيلة وتهذيب النفس في واقعهم وشخصيتهم. أجل، فالحياة الدينية تتضمّن مقداراً من القيم الأخلاقية دائماً.

2. إنّ المسيحيّة تهتمّ غاية الاهتمام باجتناب الذنوب الأخلاقية، كقتل النفس، والسرقة، والزنا، والكذب، والغيبة، والتهمة وأمثال ذلك، وأساساً لا يوجد أيّ دين يبيح هذه الأمور أو لا يعيش الحسّاسية بالنسبة لها. أجل إنّ الأحكام التعبّدية مثل حرمة أكل لحم الخنزير غير موجودة في المسيحية.

3. إنّ تضحية المسيح من أجل ذنوب البشر بدوره لا يفتح باب الذنب والإثم على المسيحيين، كما أنّ التوبة والرحمة الإلهيّة وشفاعة الأولياء لا تفتح باب الذنب على المسلمين.

4. إنّ الاعتراف بالذنب لدى القسّ في المسيحية الكاثوليكية، من أجل التخفيف من الذنوب ويعترف جميع المسيحيين حتّى القساوسة والأساقفة والبابا كراراً عديدة بذلك. وبالنسبة للإسلام واليهودية والمسيحية البروتستانتية، فإنّ الاعتراف بالذنب لا يجوز. بل يجب في هذه الأديان أن ينفتح الإنسان على خالقه الرحيم ويطلب منه العفو والمغفرة والتوبة.

5. إنّ المسيحية تتضمّن بعض الأحكام التعبّدية الواردة في التوراة، كحرمة تناول لحم القربان الذي ذبح للأوثان، ودم الحيوان المخنوق‌ [1].

6. إنّ المسيحية تهتمّ ببعض الأحكام الشرعية المنسوبة للسيّد المسيح عيسى عليه السلام بشكل جدّي من قبيل تحريم الطلاق.

7. وأخيراً فإنّ للمسيحية شريعة مفصّلة باسم كانُن لو (waL nonaC) التي وضعتها الكنيسة لأتباعها، لأنّ الكنيسة المسيحية تدّعي أنّ لها حقّ التشريع.

منابع التشريع في المسيحيّة الكاثوليكية:

من المعلوم أنّ حقّ التشريع في جميع الأديان الإلهيّة يختصّ بالذات المقدّسة، يعني أنّه من شأن اللَّه تعالى بالذات، فهو الذي خلق العالم والإنسان وعالم بطبائع الإنسان وقابلياته بشكل دقيق، وبالتالي فهو أعلم بما يحقّق لهذا المخلوق السعادة والكمال أو الفساد والضلال والانحراف.

لقد ورد التأكيد في الديانة المسيحية على هذه النقطة أيضاً، وهي أنّ حقّ التشريع منحصر باللَّه تعالى، فلا أحد له هذا الحقّ غير اللَّه تعالى، سوى في موارد خاصّة قد فوّض اللَّه تعالى هذا الحقّ لبعض عباده ليضعوا القوانين بما يحقّق لهم الخلاص من بعض التعقيدات التي يفرضها الواقع. فكلّ ما وضعوه من أحكام فإنّه يعدّ جزءً من الشريعة السماوية، وبالتالي‌


[1]. كتاب اعمال رسولان، 15: 29.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 540
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست