responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 539

المفكّرين الغربيين هو المؤسس للمسيحية الموجودة حالياً، وقد ترك رسائل عديدة كتبها لبعض الأشخاص والأقوام من المسيحيين في ذلك الوقت وذكر فيها جملة انتقادات للشريعة اليهودية وقال:

«إذن، أجد نفسي، أنا الذي يريد أن يعمل ما هو صالح، خاضعاً لهذا الناموس، أنّ لديَّ الشرّ، فإننّي وفقاً للإنسان الباطن فيَّ، ابتهج بشريعة اللَّه. ولكنّني أرى في أعضائي ناموساً آخر يُحارب الشريعة التي يريدها عقلي، ويجعلني أسيراً لناموس الخطيئة الكائن في أعضائي. فيا لي من إنسان تعيس! مَن يُحرّرني مِن جسد الموت هذا؟

أشكر اللَّه يسوع المسيح ربّنا! إذن، أنا نفسي من حيث العقل أخدم شريعة اللَّه، عبداً لها، ولكنّني مِن حيث الجسد، أخدم ناموس الخطيئة عبداً له» [1].

ويستنتج بولس في ختام كلامه هذا أنّ المسيحيين لا يؤاخذون بتركهم العمل بالشريعة لأنّ الشريعة أمر جسماني:

«فالآن إذ ليس على الذين في المسيح يسوع أيّة دينونة بعد، لأنّ ناموس روح الحياة في المسيح قد حرّرني من ناموس الخطيئة ومن الموت. فإنّ ما عجزت الشريعة عنه لكون الجسد قد جعلها قاصرة عن‌تحقيقه، أتمّه اللَّه إذ أرسل ابنه، متّحداً ما يشبه جسد الخطيئة ومُكفّراً عن الخطيئة فدان الخطيئة في الجسد حتى يتمّ فينا البرّ الذي تسعى إليه الشريعة، فينا نحن السالكين لا بحسب الجسد بل بحسب الروح. فإنّ الذين هم بحسب الجسد يهتمّون بأمور الجسد، والذين هم بحسب الروح يهتمّون بأمور الروح. فاهتمام الجسد هو موت، وأمّا اهتمام الروح فهو حياة وسلام. لأنّ اهتمام الجسد هو عداوة اللَّه، إذا إنّه لا يخضع لناموس اللَّه، بل لا يستطيع‌

ذلك، فالذين هم تحت سلطة الجسد لا يستطيعون أن يرضوا اللَّه» [2].

وقد أعلن أيضاً أنّ عنصر الإيمان يكفي لنجاة الإنسان وأنّ الاهتمام بالشريعة يتنافى مع الإيمان:

«أمّا جميع الذين على مبدأ أعمال الشريعة، فإنّهم تحت اللعنة، لأنّه قد كتب: «ملعون كلّ من لا يثبت على العمل بكلّ ما هو مكتوب في كتاب الشريعة!» أمّا أنّ أحداً لا يتبرّر عند اللَّه بفضل الشريعة، فذلك واضح، لأنّ «من تبرّر بالإيمان فبالإيمان يحيا». ولكنّ الشريعة لا تراعي مبدأ الإيمان، بل «من عمل بهذه الوصايا، يحيا بها» إنّ المسيح حرّرنا بالفداء من لعنة الشريعة، إذ صار لعنة عوضاً عنّا، لأنّه قد كتب: «ملعون كلّ من علّق على خشبة»، لكي تصل بركة إبراهيم إلى الامم في المسيح يسوع، فننال عن طريق الإيمان الروح الموعود» [3].

وفي نظر بولس فإنّ عصر الشريعة قد انتهى وحلّ بدله عصر الإيمان، والشريعة في حقيقتها معدّة للإيمان وهي بمثابة المربيّ للإنسان للوصول إلى مرتبة الإيمان:

«فقبل مجي‌ء الإيمان، كنّا تحت حراسة الشريعة، محتجزين إلى أن يُعلن الإيمان الذي كان إعلانه منتظراً، إذن، كانت الشريعة هي مؤدّبنا حتّى مجي‌ء المسيح، لكي نبرّر على أساس الإيمان، ولكن بعدما جاء الإيمان، تحرّرنا من سلطة المؤدّب» [4].

الشريعة المسيحية:

لا ينبغي أن نتصوّر ممّا تقدّم من كلام، أنّ المسيحيّة لا تملك شريعة، بل ينبغي القول أنّ المسيحية لا تدور


[1]. رسالة بولس إلى الروميين، 7: 21- 25.

[2]. المصدر السابق، 8: 1- 8.

[3]. رسالة بولس إلى‌ غلاطيان، 3: 10- 14.

[4]. المصدر السابق، 3: 23- 25.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 539
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست