responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 531

ثالثاً: إنّ القبول بهذا الكلام يعني إنكار ونسخ قسم كبير من الشريعة السماوية، لأنّ مفهوم أنّ البشر وصل إلى مرتبة النضج العقليّ وعليه أنّ يعتمد على نفسه، هو أنّه لا يحتاج إلى‌ الوحي الإلهيّ بعد ذلك، وهذا يتنافى مع مقولة خاتميّة النبيّ صلى الله عليه و آله وحديث‌

«حَلَالُ مُحَمَّدٍ حَلَالٌ إلى‌ يَوْمِ القِيَامَةِ وحَرَامُهُ حَرامٌ إلى‌ يَوْمِ القِيَامَةِ» [1]

وأنّ الناس مكلّفون في جميع مراحل حياتهم وفي جميع الأعصار والحقب الزمنية بالتكاليف الإلهيّة.

ملاحظة:

إنّ ما تقدّم الكلام فيه، كان بالنسبة للأحكام والمقرّرات الإمضائية، ولكن ينبغي الالتفات إلى أنّ هذا البحث يجري أيضاً في أدلّة الأحكام أيضاً، بمعنى أنّ الشارع المقدّس ربّما يمضي طريق الوصول للحكم الشرعيّ على أساس ما يكشفه الإنسان من بناء العقلاء وسيرتهم، من قبيل إمضاء حجّية خبر الواحد.

مضافاً إلى ذلك، فإنّ البعض يعتقد بأنّ جميع الطرق التي تستخدم في عملية استنباط الأحكام، هي إمضائية، أي أنّها متداولة في عرف العقلاء لإثبات المسائل الحقوقية، وقد أقرّها الشارع الإسلامي المقدّس مع إضافة بعض الشروط أحياناً، وأخرى بدون إضافة شي‌ء، ومن هذا القبيل حجّية ظواهر الألفاط وحجّية الأصول العملية الأربعة (البراءة، الاستصحاب، الاحتياط، والتخيير، وإن ذهب البعض إلى أنّ الاستصحاب يعدّ أصلًا شرعياً فقط لا عقلياً) وكذلك المرجّحات في باب التعارض، وحجّية قول المجتهد وحجّية اليد، وحتّى حجّية الإجماع، فهذه كلّها تعدّ أدّلة إمضائية في واقع الاستدلال الفقهي.

وقد تقدّم أنّ هذا الكلام لا يعني أنّ الشارع المقدّس قد أقرّ واعترف بجميع الأساليب والتقاليد المتداولة بين العقلاء وأمضاها بدون أيّ تغيير فيها، بل بمعنى أنّ هذه الأساليب العقلائية يمكن أن يقرّها الشارع أحياناً مع بعض الإصلاحات والشروط، وعندما تنظّم هذه الأدلّة إلى صغريات المسائل المستوحاة من الكتاب والسنّة، فتشكّل دليلًا كاملًا يمكن استنباط الدليل الشرعي منه، وبالطبع فإنّ ذلك الحكم الشرعي لا يعتبر إمضائياً.

مثلًا: الخبر الذي يقرّر استحباب غسل الجمعة والذي نقله الرواة الثقات عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله أوالإمام المعصوم عليه السلام، ونعلم أنّ الشارع المقدّس قد أقرّ حجّية أخبار الثقات، فهنا تتشكّل لدينا صغرى وكبرى في هذا الدليل، كالتالي: استحباب غسل الجمعة الوارد في الخبر الذي نقله الثقات عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله، وخبر الثقات حجّة، إذن فغسل الجمعة مستحبّ، ومن الواضح أنّ هذا الحكم تأسيسيّ، وإن كان المنهج المتّبع في عملية الاستنباط لهذا الحكم، إمضائي.

النتيجة:

مع الأخذ بنظر الاعتبار ما تقدّم من بحوث، نصل إلى هذه النتائج:

1. لا شكّ في أنّ الإسلام يعتبر خاتم الأديان، وأنّ نبيّ الإسلام صلى الله عليه و آله هو خاتم الأنبياء، وأنّ حلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة أيضاً.

2. إنّ تطاول الزمان وتطوّر المجتمع البشري والتنوّع الحاصل في مختلف زوايا وأبعاد البشر والمتغيّرات التي‌


[1]. الكافي، ج 1، ص 58، باب البدع والرأي والمقاييس، ح 19؛ بحارالأنوار، ج 2، ص 260، باب 31، ح 17.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 531
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست