responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 444

الحكم بوجوب الصلاة والصوم، لأنّ هذه الأحكام لم تتعلّق بأمر خارج فعل الإنسان، ومن هنا فإنّه أحياناً يكون متعلّق الحكم هو موضوع الحكم أيضاً، كما في المثال المذكور آنفاً، فإنّ الوجوب حكم شرعيّ، والصلاة أو الصوم موضوع الحكم.

على أيّة حال فإنّ كلّ حكم يدور مدار موضوعه، ونسبته لموضوعه كنسبة المعلول إلى علّته أو المعروض إلى العرض. وعندما نقول (مثل ...) فمن جهة أنّ العلّة والمعلول، أو العرض والمعروض إنّما تقع في الأمور الواقعية، وما نحن فيه يختصّ بالأمور الاعتبارية.

ولازم هذا الكلام (وهو أنّ كلّ حكم يدور مدار موضوعه) أنّه كلّما تغيّر الموضوع يتغيّر الحكم بتبعه، ومعلوم أنّ الزمان والمكان يؤثّران أحياناً في إيجاد التغيّر والتبدّل في الموضوع الخارجي، والمثال المذكور في مباحث المعاملات في كتاب البيع هو:

إنّ مالية المال- التي تعتبر المحور الأصلّي في صحّة البيع- تتغيّر بحسب تغيّر الزمان والمكان، فالماء الموجود في القدح على مقربة من النهر الزاخر بالماء الزلال لا قيمة له، ولكنّ ذلك الماء إذا كان في صحراء محرقة وجافّة فله قيمة مالية كبيرة، وهذا معنى تأثير المكان في قيمة هذا المال.

وأمّا تأثير الزمان في قيمة المال، فهو مثل الثلج في فصل الشتاء حيث لا قيمة له، ولكن الثلج في فصل الصيف في تلك الأجواء المحرقة يملك قيمة كبيرة، وهنا يتبيّن تأثير الزمان في هذا المورد.

أقسام تغيير الموضوعات:

إنّ تغيير الموضوعات يمكن طرحه في ثلاث صور:

1. أحياناً يكون التغيير أساسياً وجذرياً حيث تتغيّر ماهيته وتتبدّل إلى شي‌ء جديد كالاستحالة، كما في انقلاب الماء النجس إلى بخار، لأنّ عنوان الماء في نظر العرف مباين ومغاير لعنوان البخار. وتغيير الحكم في مثل هذه الموضوعات واضح و لا يخفى على أحد.

2. وأحياناً تتغيّر بعض الخصوصيات الظاهرية للموضوع بحيث يظهر أنّه موضوع جديد رغم أنّ ماهيّته لا تختلف عن الماهية السابقة، من قبيل تبدّل الخمر إلى خلّ. فرغم أنّ الماهية العرفية للخمر لم تتبدّل في هذا المورد، ولكن بلا شكّ فإنّ الخلّ يعتبر موضوعاً آخر غير الخمر. وهنا أيضاً يتبدّل الحكم الشرعيّ، لأنّه وإن لم تتبدّل الماهوية، ولكن الموضوع السابق في نظر العرف قد تبدّل وتغيّر.

3. وفي هذا القسم لا يحدث أيّ تغيير في ماهية الموضوع أو خصوصياته وصفاته الظاهرية، بل يصيب التغيير الخصوصيات المعنوية والاعتبارية لذلك الموضوع. مثل قدح الماء إلى جانب النهر حيث يفقد ذلك الماء القليل قيمته وماليته، والماء هو الماء ولكنّه فقد ماليته وقيمته بتغيير محلّه، ومثال الدم في هذا الزمان حيث أصبحت له قيمة كبيرة بسبب منافعه الكثيرة، وبالتالي أصبح يباع ويشترى، وهكذا بالنسبة لأعضاء بدن الإنسان من أجل زرعها في بدن شخص آخر حيث لم تكن لها قيمة مالية في السابق واليوم أضحت لها قيمة كبيرة.

إنّ تبدّل الموضوع في هذه الصورة واضح أيضاً لأنّ الصفات المقوّمة لهذا الموضوع وخصوصياته المعنوية تؤثّر في تغيير حكمه أيضاً، وهنا لا مجال للاستصحاب، أجل إذا تغيّرت بعض الأوصاف الأخرى‌

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 444
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست