responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 389

الأدلّة العقلية القطعية وما يتوفّر لدينا في الآيات والروايات الإسلامية، وما تمنحنا من أجوبة عن علامات الإستفهام التي ترتسم في أذهاننا، لأنّ هذا الأمر بإمكانه تقوية الدوافع النفسية للتحرّك في خطّ الطاعة والامتثال من جهة، وكذلك إظهار الدين الإلهي بمظهر عقلاني ومنطقي من جهة أخرى، ولكن كما تقدّمت الإشارة إليه آنفاً فلو لم نتوصّل بعد السعي والبحث إلى فلسفة الحكم الشرعي في بعض الموارد فإنّ ذلك الحكم الشرعي لا يفقد قداسته وحجيّته وبالتالي يجب على المكلّف امتثال هذا الحكم الإلهي لأنّ الباعث الأصلي لسلوك طريق الطاعة والامتثال يكمن في طبيعة الطاعة للأمر الإلهي فقط.

مقاصد الشريعة:

تحدّثنا في البحث السابق عن الآراء المختلفة حول فلسفة الأحكام وعللها ومقاصدها، وكذلك إمكانية الوصول إلى تلك المقاصد وتحصيلها، والآن نتطرّق إلى هذه المسألة، وهي: هل يمكن فتح الطريق لحلّ المسائل المستحدثة «مسائل ما لا نصّ فيه»؟

توضيح ذلك: يدور الحديث في عصرنا الحاضر عن مقاصد الشريعة بوصفها أحد المنابع الفقهية لحلّ المسائل المعقّدة المطروحة بين فقهاء المذاهب الإسلامية المختلفة.

وهذا هو ما بحثه أتباع أهل البيت عليهم السلام في السابق بعنوان «علل الشرائع» وقد استخدم المرحوم الشيخ الصدوق (المتوفى 381 ه.) قبل أكثر من ألف عام هذا العنوان لكتابه المسمى (علل الشرائع)، وهو عبارة عن مجموعة من روايات أهل البيت عليهم السلام الواردة في باب فلسفة الأحكام ومقاصد التشريع.

ولكن على رغم أنّ مذهب الأشاعرة، وهو المذهب الحاكم على المحافل العلمية لأهل السنّة في الماضي والحاضر، يرى أنّ أفعال اللَّه تعالى، سواءً التكوينية أو التشريعية غير معلّل بالأغراض والمقاصد، بل يرون أحياناً الاعتقاد بذلك يساوق الكفر، ولكن على رغم ذلك وقعوا في مضائق ومآزق فقهية ومسائل مستحدثة كثيرة لم يجدوا الجواب عنها، ممّا أجبر فقهاء هذا المذهب على تجديد نظرهم في هذا الباب وفتح الطريق أمام مقاصد الشريعة.

الشخص الذي بحث هذه المسألة بجديّة وشكّل بحثه هذا نقطة عطف في موضوع المقاصد هو ا لشاطبي (المتوفّى 790) وقد ألّف كتاب «الموافقات» لهذا الغرض، فبعد أنّ جمع أقوال العلماء القدماء، تطرّق إلى مسألتين جديدتين في دائرة المقاصد، إحداهما ترتيب المقاصد، والأخرى طرق الوصول إلى هذه المقاصد وتحصيل أهداف الشريعة.

وبعد الشاطبي لم يهتمّ العلماء ولمدّة قرون عديدة بهذا الموضوع، إلى أنّ ظهر فقيه آخر قبل قرن ونصف يدعى «ابن عاشور» (المتوفّى 1393) ومن خلال تأليف كتاب باسم «مقاصد الشريعة» أحدث موجة جديدة وحركة مهمّة في هذا الباب، واليوم يدور الحديث كثيراً في المحافل الفقهية عن مقاصد الشريعة ويعتقد أنّه المفتاح لحلّ الكثير من المعضلات الفقهية، والبعض يرى في هذا الموضوع علماً جديداً يسمّيه علم «مقاصد الشريعة» أو «الفقه المقاصد» [1] الذي‌


[1]. مثل: علّال الفاسي، مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها، محمّد بن سعدابن أحمد بن مسعود اليوبي، مقاصد الشريعة الإسلامية وعلاقتها بالأدلّة الشرعية، يوسف حامد العالم، المقاصد العامة للشريعة الإسلامية.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 389
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست