responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 380

ب) الروايات الشريفة

وقد وردت روايات كثيرة أيضاً عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله وأئمّة أهل البيت عليهم السلام تقرّر بصراحة الهدفية لعالم الخلقة بشكل عام وخلق الإنسان بشكل خاصّ، منها:

1. ما ورد في الحديث النبويّ الشريف أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال:

«إعْمَلوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِق لَهُ».

ويقول «ابن أبي‌عمير»: سألت الإمام «موسى بن جعفر عليهما السلام» عن معنى هذا الحديث، فقال الإمام:

«إنّ اللَّه عزّوجلّ خَلَقَ الجِنّ والإنْسَ لِيَعْبُدوه، ولم يَخْلُقْهُم لِيَعْصوه، وذلك قوله عزّوجلّ‌

«وَ ما خَلَقْتُ الجِنَّ وَالانْسَ إِلّا لِيَعْبُدوُنِ»

فَيَسَّرَ كلًّا لِما خُلِقَ لَهُ، فَوَيْلٌ لِمَنِ اسْتَحَبَّ العَمى‌ على الهُدى» [1].

ويستفاد من هذا الحديث الشريف أنّ اللَّه تعالى خلق البشر من أجل إيصالهم إلى مرتبة «الكمال»، وجعل في اختيارهم الوسائل والأدوات اللازمة لتحقيق هذا الكمال في واقعهم سواءً من حيث «التكوين» أم من حيث «التشريع».

وجاء في حديث آخر عن الإمام الصادق عليه السلام عندما سأله الراوي: «لماذا خلق اللَّه المخلوقات؟»

فقال:

«إنّ اللَّهَ تَباركَ وتَعالى لَمْ يَخْلُقْ خَلْقَهُ عَبَثاً وَلَم يَتْرُكْهُم سُدىً بَلْ خَلَقَهُم لإظْهارِ قُدْرَتِهِ ولِيُكَلِّفَهُمْ طَاعَتَهُ، فَيَسْتَوْجِبوا بِذِلكَ رِضْوانَهُ، وَما خَلَقَهُم لِيَجْلبَ مِنْهُم مَنْفَعةً وَلا لِيَدفَعَ بِهِم مَضَرَّةً، بَلْ خَلَقَهُم لِيَنْفَعَهُم وَيُوصِلَهُم إلى‌ نَعيمِ الأبَدِ» [2].

ويستفاد من هذا الحديث أيضاً أنّ الهدف النهائي للأفعال الإلهيّة في عالم التكوين والتشريع هو تحقيق الكمال المعنوي للإنسان في حركة الحياة.

3. في حديث آخر عن الإمام الصادق عليه السلام (تقدّم ذكره) أنّ الإمام عندما سئل عن الحلال والحرام قال:

«إنَّهُ لَم‌يُجْعَلْ شَي‌ءٌ إلّالِشَي‌ءٍ» [3]

. (أي لغرض معيّن).

وبالرغم من أنّ الراوي سأل عن أمور الأحكام الشرعية ولكن جواب الإمام عليه السلام عامّ ويشمل الأفعال التكوينية أيضاً كما احتمل ذلك «العلّامة المجلسيّ».

فقد صرّح بعد نقله هذا الحديث بأنّ جميع الأحكام الإلهية معلّلة بالمصالح والمفاسد وقال:

«وَيُمْكِنُ أن يَعُمَّ بِحَيثُ يَشْملُ الخَلْقَ والتَّقدِيرَ أيضاً فإنَّهُ تَعالى لَمْ يَخْلُقْ شَيْئاً أيْضاً إلّالِحِكْمَةٍ كامِلةٍ وعِلَّةٍ باعِثَةٍ» [4].

وهناك أحاديث أخرى في هذا المضمون يطول ذكرها واستعراضها بأجمعها.

النتيجة أنّ الغرضية في عالم الخلقة في نظر الآيات والروايات الإسلامية متوفّرة في جميع موجودات عالم الخلقة بدون أدنى شكّ.

2. الآيات والروايات المتعلّقة بغائيّة الأحكام الشرعيّة

أ) الآيات‌

وقد تحدّثت آيات كثيرة عن غائية وهدفية جميع الأحكام الشرعية فيما تتضمّنه من حِكم وغايات في طريق المسيرة التكاملية للبشر، بحيث أنّ بعض علماء أهل السنّة ك «ابن القيّم» يقول:

«القُرآنُ وسُنَّةُ رَسولِ اللَّهِ مَمْلوءانِ من تعليلِ الأحكامِ‌


[1]. توحيد الصدوق، ص 347، باب السعادة والشقاوة، ح 3.

[2]. علل الشرائع، ج 1، ص 9، باب 9، ح 2.

[3]. المصدر السابق، ص 8، باب 8، ح 1.

[4]. بحارالأنوار، ج 6، ص 110، ذيل ح 3.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 380
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست