responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 332

العامل الثاني: العثور أو عدم العثور على النص‌

إنّ السير الطبيعي لإطّلاع الصحابة على أحاديث النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله كان بهذه الصورة، في البداية يخاطب النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله واحداً أو مجموعة منهم بشكل مباشر ويملي عليه الحديث، ثمّ ينتقل هذا الحديث بواسطته إلى الآخرين، ومن الطبيعي أن تقوم تلك الطائفة من الصحابة التي سمعت الحديث بالعمل به، أمّا من لم يسمعوا هذا الحديث، فمن الطبيعي أن يعملوا على أساس علمهم السابق، وهذا الأمر بحدّ ذاته يوجب وقوع الخلاف بينهم، مثلًا:

ألف) إنّ عمر لم يسمع بالحديث عن «نهي النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله عن دخول المدينة التي تفشّى فيها الوباء» ولذلك عزم على دخول الشام التي شاع فيها مرض الطاعون، ولكنّ عبدالرحمن بن عوف الذي كان قد سمع الحديث الشريف أفتى بحرمة الدخول إليها [1].

ب) مخالفة عمر لفتوى أبي‌موسى بالنسبة لحديث الاستئذان. وتوضيح ذلك أنّ أباموسى كان قد سمع من النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله أنّ الشخص إذا استأذن ثلاث مرات لدخول دار معيّنة ولم يسمع جواباً فعليه أن يرجع، ولذلك عندما استأذن على عمر ثلاث مرات ولم يسمع جواباً عاد من حيث أتى، ولكن بما أنّ عمر لم يكن عالماً بهذا الحديث فقد اعترض عليه، بل حتّى أنّه بعد أن أخبره أبو موسى بحديث الإستئذان المذكور لم يقبله. ولكن عندما شهد أشخاص آخرون على صحّة هذا الحديث قبله‌ [2].

وهذا المقدار من التفاوت في مساحة العلم والاحاطة بالأحاديث النبوية استمرّ وامتدّ إلى الأجيال اللاحقة (التابعين وما بعدهم) وعلى هذا الأساس نرى وجود اختلاف في الفتاوى في القرون اللاحقة، مثل:

أ) إنّ حديث «القلّتين» بالنسبة لماء الكرّ، وحديث «خيار المجلس» لم يصلا إلى عامة الفقهاء إلى زمان الشافعي، ولذلك لم تصدر فتوى من الفقهاء بالنسبة «للقلّتين» قبل ذلك الزمان، ولكنّهم أفتوا بعد ذلك بهذه الفتوى‌ [3].

ب) كان الشافعي يصدر فتاواه على أساس ما اكتسبه من معارف ومبانٍ فقهية في مدرسة أبي‌حنيفة في بغداد عن طريق محمّد بن الحسن الشيباني ما درسه عند مالك في المدينة، ولكن بعد أن سافر إلى مصر ومناطق إسلامية أخرى واطّلع على أحاديث جديدة فإنّه قام بتغيير عشرات الفتاوى التي كان يفتي بها في السابق‌ [4]، من قبيل:

اختلاف فتاوى الشافعي القديمة والمتأخّرة:

1. في مورد التيمّم حيث كان يفتي في السابق بكفاية ضربة واحدة على التراب للوجه والكفّين، ولكنّه في فتاواه المتأخّرة ذهب إلى لزوم ضربتين، إحداهما للوجه والأخرى للكفين‌ [5].

2. في مورد تقدّم المأموم على الإمام، فقد كان يفتي‌


[1]. أثر الاختلاف، ص 44.

[2]. مسند أحمد، ج 3، ص 19 (مع اختلاف يسير)؛ صحيح‌البخارى، ج 8، ص 157؛ أسباب اختلاف الفقهاء للتركي، ص 28.

[3]. حجة اللَّه البالغة، ج 1، ص 147.

[4]. الشافعي، حياته وعصره لمحمّد أبوزهر، ص 375.

[5]. المجموع في شرح المهذب لمحيى الدين بن النووي، ج 2، ص 210.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 332
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست