ذلك لا يقال لمن تعلّم ضروريات الدين أنّه اجتهد ولكن يقال للفقيه الذي يتحرّك
على مستوى حلّ تعقيدات المسائل الفقهية ويستنبط تفاصيل الأحكام الشرعية، أنّه
مجتهد [1].
2. الاجتهاد في الاصطلاح
وقد ذكر علماء الأصول للاجتهاد معاني وتعاريف مختلفة، نشير إلى جملة منها:
أ) استفراغ الوسع في تحصيل الظنّ بالحكم الشرعيّ
(وفي هذه الصورة يطلق عليه الاجتهاد أو المجتهد) [2].
وهذا التعريف وإن ورد في كلمات بعض علماء الإماميّة [3] ولكنّ أصله موجود في كلمات غير الإمامية «أهل
السنّة» [4]، لأنّ
أهل السنّة يرون أنّ الظنّ بالأحكام حجّة شرعية بشكل مطلق، وأمّا ما هو معتبر لدى
الإماميّة فهي الظنون الخاصّة التي قام الدليل الخاص على حجّيتها.
والإشكال الآخر على هذا التعريف هو أنّه لا وجه لتقييده بتحصيل الظنّ بالحكم
الشرعيّ، لأنّه في صورة بذل الوسع والطاقة في تحصيل العلم بالحكم الشرعي، يصدق
عليه أنّه اجتهاد [5].
ب)
«الإجتهاد هو استفراغ الوسع في تحصيل
الحجّة على الحكم الشرعيّ» [6].
وأحد الإشكالات الواردة على هذا التعريف هو أنّه لا يلزم في تحقّق الاجتهاد
بذل غاية السعي والقوّة في مقام الفحص، بل إذا تحرّك على مستوى الفحص والتحقيق
بمقدار بحيث يئس من وجود دليل مخالف أو وجود المخصّص أو المقيّد، فيكفي ذلك للأخذ
بظاهر الدليل الأوّل، ولا حاجة لبذل كلّ طاقته في مقام الفحص والتحقيق [7]، إلّاأن يكون
المراد من استفراغ الوسع هو الفحص بالمقدار المتعارف.
ج) التعريف الوارد في «التنقيح»، وهو عبارة عن «تحصيل الحجّة على الحكم
الشرعي» [8].
وهذا التعريف وإن كان أفضل وأكمل من التعاريف الأخرى، ولكنّ الإشكال الذي يرد
عليه هو أنّه شامل لعمل المقلِّد أيضاً لأنّ المقلّد يحصِّل الحجّة على الحكم
الشرعيّ من خلال قول المجتهد، غاية الأمر بطريق الدليل الإجمالي.
د) التعريف المقبول لدى مشهور علماء الاصول ولا
يرد عليه الإشكالات السابقة حيث قالوا:
«الإجتهاد هو استخراج الحكم الشرعيّ
الفرعيّ أو الحجّة عليه من أدلّتها التفصيلية» [9].
3. أقسام الاجتهاد
قسّم الاجتهاد إلى عدّة أقسام، وليس غرضنا في هذا المقام بيان جميع الأقسام، بل
الغرض بيان مفهوم الاجتهاد في عنوان البحث، ولذلك نشير إلى جملة منها:
[1]. المستصفى، ج 2، ص 350؛ الإحكام
في أصول الأحكام، ج 4، ص 396؛ الأصول العامة للفقه المقارن، ص 561؛ إرشاد الفحول،
ص 417؛ المحصول للفخر الرازي، ج 2، ص 425.
[2]. كفاية الأصول، ج 2، ص 422؛ إرشاد
الفحول، ص 250؛ الإحكام في أصول الأحكام، ج 4، ص 396.