responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 266

2. كيفية تأثير الزمان والمكان في السيرة النظرية والعملية للمعصومين عليهم السلام‌

إنّ الأئمّة المعصومين عليهم السلام، منزّهون من الخطأ والنسيان في دائرة النظر والعمل. وفي نفس الوقت نلاحظ وجود بعض الاختلافات التي تحدث أحياناً في عمل ورأي المعصومين على امتداد الزمان وبالنسبة لأماكن مختلفة، وهذا الاختلاف ناشى‌ء من متطلّبات عنصر الزمان والمكان لا شي‌ء آخر:

أ) كيفية التأثير في السيرة النظرية والقولية

إنّ هذا الاختلاف ناشى‌ء من اختلاف الظروف وشأن صدور الروايات، حيث ينعكس ذلك أحياناً بشكل تعارض في الروايات، وقد عمل الفقهاء أوّلًا من موقع التخصيص والتقييد في عملية الجمع الدلالي بين هذه الروايات، وفي صورة عدم إمكان الجمع الدلالي فإنّهم يتوجّهون نحو العمل بالأخبار العلاجية والمرجّحات السندية، ومن خلال الاستفادة من منهج التعادل والتراجيح. وبالتالي فإنّهم يرجّحون بعض هذه الروايات أو أحدها على البعض الآخر لوجود بعض المرجّحات فيها، وفي صورة التكافؤ بينها وتساويها فإنّهم يعملون بالتخيير، أو يقولون بالتساقط، وبالتالي يتوجّهون نحو الأصول العملية، المهمّ أنّ هذه التأثيرات والتغييرات لاتؤدّي إلى الخدشة بعصمة الإمام المعصوم، لأنّ هذ الاختلاف في الكلام والقول ناشى‌ء من واقع الظروف الزمانية والمكانية الخاصّة، ويخضع لمقضيات زمان ومكان كلّ إمام بالنسبة للإمام الآخر، مثلًا ربّما يعيش أحد هؤلاء الأئمّة في ظروف التقية بسبب الضغوط والتحدّيات من قِبل الحكومات الجائرة، والآخر لايعيش مثل هذه الظروف والحالات، أو أنّ الخصوصيات الزمانية والمكانية لأحد الأئمّة تقتضي إصدار حكم بنحو عام أو مطلقّ بينما الخصوصيات الزمانية والمكانية للإمام الآخر تقتضي التقييد أو التخصيص.

وقد مرّت في- الأمر الخامس- الإشارة إلى بعض النماذج من هذا التعارض الظاهريّ وطريقة حلّه.

ب) كيفية التأثير في السيرة العملية للمعصومين عليهم السلام‌

إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله كان يستعمل الخضاب، بينما كان أميرالمؤمنين عليه السلام يتجنّب استعمال الخضاب‌ [1] أحياناً، وكان يلبس اللباس الخشن، بينماالإمام الصادق عليه السلام يلبس اللباس الناعم والفاخر [2] وقد استلم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وعليّ عليه السلام أزمّة الحكم، بينما لم يستلم سائر الأئمّة عليه السلام زمام الحكومة. ونرى أنّ الإمام الحسين عليه السلام قد ثار ضدّ السلطة الأموية، بينما الإمام الحسن عليه السلام تصالح معها.

وعشرات النماذج والأمثلة من هذا القبيل، التي تحكي عن تأثير ظروف الزمان والمكان في السيرة العملية للنبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله والأئمّة المعصومين عليهم السلام. وبديهيّ أنّ كلّ واحد من هؤلاء المعصومين لو كان يعيش في ظروف أخرى كان يتحرّك ويسلك ذلك السلوك أيضاً، إذن فالتغيير في السيرة لا يعني التغيير في القيم أو الأحكام أو الأصول.


[1]. نهج البلاغة، الحكمة 17. وسئل عليه السلام عن قول الرسول صلى الله عليه و آله «غيّرواالشيبَ ولا تشبَّهوا باليهودِ» فقال عليه السلام: إنّما قال صلى الله عليه و آله ذلك والدّين قُلّ فأمّا الآن وقد اتّسع نطاقه وضرب بجرانه فامرؤٌ وما اختار.

[2]. الكافي، ج 5، ص 65؛ مجموعة آثار الاستاذ المطهري، ج 21، ص 152 (بالفارسيّة)؛ (وللمزيد من الاطلاع انظر إلى بحث «منابع اختلاف الفتاوى» في هذا الكتاب).

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 266
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست