نحن المسلمون نعتقد بأنّ الإسلام دين شموليّ وجامع، وبإمكانه أن يُلبّي جميع
حاجات الإنسان المادّية والمعنويّة، الفردية والاجتماعية، ويجيب عن جميع أسئلة
السائلين، حيث يقول القرآن الكريم: «مَا
فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَىْءٍ»[1] «وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ
شَيْءٍ»[2].
فتعبير ب «من شيء» و «لكلّ شيء» دليل واضح على هذه الشمولية.
وهذا الكلام لا يعني- كما يتصوّر البعض- أنّ جميع العلوم الطبيعية والمادّية
وردت في القرآن الكريم، وعلى سبيل المثال، فإنّ آية: «انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ»[3] الواردة في أهل
النار في القيامة هي إشارة إلى علم الهندسة، وآية: «وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ
الْجَنَّةِ»[4] التي
تتحدّث عن آدم وحوّاء هي إشارة إلى مهنة الخياطة، وآية: «فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ»[5] التي تتحدّث عن العسل، هي إشارة إلى علم
الطبّ، وآية: «كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ
بَعْدِ قُوَّةٍ أنكاثاً»[6] التي تتحدّث عن امرأة ساذجة كانت تعيش في عصر الجاهلية وكانت تغزل خيوط الصوف
ثمّ تنقضها، هي إشارة إلى علم الحياكة وصناعة النسيج، وأمثال ذلك كما ذكر ذلك جلال
الدين السيوطي في كتابه «الإتقان»[7].
في حين أنّ وجود كلّ شيء في القرآن يعني تلك الأمور التي تتّصل بالإيمان
والتربية والأخلاق والعلاقات الاجتماعية السليمة العادلة وما يفضي إلى تكامل البشر
في حركة الحياة والواقع.
وبالطبع إنّ دعوة القرآن إلى كسب العلم والمعرفة يعدّ من أكبر مفاخر البشرية،
وبإمكانه أن يدفع حركة العلوم البشرية إلى حيث التقدّم والتكامل في جميع المجالات،
لا أنّ أصول وفروع علم الهندسة والخياطة والحياكة و ... وردت في القرآن الكريم.