responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 242

الشريعة قد وضعت بين أيدي المسلمين بحيث يمكنهم استنباط أحكامهم الشرعيّة منها، وإلّا فإنّ جزئيات الأحكام لم ترد في الأحاديث النبويّة.

ط)

عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: «إنّ اللَّهَ تَبارَك وتَعالى‌ أنْزَلَ فِي القُرآنِ تِبيانَ كُلِّ شَي‌ءٍ، حتّى واللَّهِ ما تَرَك اللَّهُ شَيْئاً يَحْتَاجُ إلَيهِ العِبادُ، حتّى لا يَسْتَطِيعُ عَبدٌ يقول: لَو كانَ هذا انزِلَ فِي القُرآنِ إلّاوقَد أنْزَلَهُ اللَّهُ فِيهِ» [1].

ويستفاد من هذا الحديث أيضاً أنّ جميع الأحكام وردت في القرآن الكريم بشكل أصول كلّية يمكن استنباط الأحكام الشرعيّة منها.

ى) عن حمّاد، عن أبي عبداللَّه‌الإمام الصادق عليه السلام قال:

«ما مِنْ شَي‌ءٍ إلّاوفِيهِ كِتابٌ أو سُنَّةٌ» [2].

وبديهيّ أنّ جواب كلّ مسألةٍ فرعية من الفروع التي تحتاجها الأُمّة لم يرد في القرآن والسنّة، بل كما تقدّم آنفاً، وردت أصول كليّة يمكن استخراج الأحكام الشرعية منها في الموارد التي لم يرد فيها نصّ. وعلى هذا الأساس فإنّه يجوز الاجتهاد في مسائل الدّين، وأنّ باب الاجتهاد مفتوح.

ك) عن سماعة، عن الإمام الكاظم عليه السلام قال: قلت له:

أكُلّ شي‌ءٍ في كتاب اللَّه وسنّة نبيّه صلى الله عليه و آله؟ أو تقولون به؟

قال:

«بَلْ كُلُّ شَي‌ءٍ في كتابِ اللَّهِ وسُنَّةِ نَبيِّه» [3].

وهذا الحديث أيضاً يقرّر- كسائر الأحاديث الواردة- أنّ جميع الأحكام الشرعية وردت في القرآن والسنّة، ولكن المراد هو الأصول الكليّة التي ينبغي استنباط الأحكام الجزئية منها.

6. الروايات ودورها في حلّ التعارض بين الأحاديث‌

من الأدلة التي يمكن إقامتها على انفتاح باب الاجتهاد في كلّ عصر وزمان، الروايات التي تبيّن الحلّ لمشكلة التعارض بين الأخبار، لأنّه لو لم يكن الاجتهاد والاستنباط مجازاً، لما كان معنى لإراءة حلّ لمشكلة التعارض في الأحاديث.

وببيان آخر: إنّ أئمّتنا لم يُعلِّموا أتباعهم طريق استنباط الأحكام من الكتاب والسنّة فحسب، بل بيّنوا لهم طريقة الاستنباط في موارد تعارض الروايات، ونشير هنا إلى بعض هذه الروايات.

يروي محمّد بن أبي عمير [4] عن عبدالرحمن بن أبي عبداللَّه عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال:

«إذا وَرَدَ عَلَيْكُم حَدِيثانِ مُخْتَلِفان فَاعرِضُوهُما على‌ كتابِ اللَّهِ، فَما وافَقَ كِتابَ اللَّهِ فَخُذوهُ ومَا خَالَفَ كِتابَ اللَّهِ فَرُدُّوهُ» [5].

فهذا الحديث وأمثاله يبيّن طريق الاجتهاد والاستنباط في موارد وجود أحاديث مختلفة وهذا يدلّ على انفتاح باب الاجتهاد.

وقد جمع الشيخ الحرّ العاملي هذه الأحاديث في باب واحد من المجلد 18 من كتاب وسائل الشيعة.

وذكر في هذا الباب الذي يحوي 47 حديثاً، أحاديث متعدّدة في حلّ التعارض بين الأحاديث، ولا يسع هذا البحث استعراضها هنا بأجمعها.


[1]. الكافي، ج 1، ص 59.

[2]. المصدر السابق.

[3]. المصدر السابق، ص 62.

[4]. محمّد بن أبي عمير أوثق الناس عند الخاصّة والعامّة وأنسكهم نسكاًوأورعهم وأعبدهم وأدرك أبا الحسن موسى (الإمام موسى الكاظم والإمامين بعده عليهم السلام وكان من أصحاب الإجماع، جليل القدر عظيم الشأن وأصحابنا يسكنون إلى مراسيله لأنّه لا يرسل إلّاعن ثقة. قيل في حقّه: إنّه أفقه من يونس وأفضل وأصلح. (الكنى والألقاب، ج 1، ص 199 و 200).

[5]. وسائل الشيعة، ج 18، ص 84، ح 29، الباب 9 من أبواب صفات القاضي.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 242
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست