responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 208

وقد ذهب جماعة من علماء أهل السنّة إلى أنّ الفقيه له حقّ التشريع في موارد «ما لا نصّ فيه»، واعتبروا مثل هذه الأحكام في عرض الأحكام الأولية وذهبوا طبقاً لعقيدة التصويب إلى‌ أنّ هذا الحكم هو حكم اللَّه، ولكنّ هذا المعنى مرفوض بشدّة من قِبل مدرسة أهل‌البيت عليهم السلام.

وعلى هذا الأساس فالأحكام الحكومية هي أحكام إجرائية فقط ولا تخرج عن دائرة الأحكام الأولية والثانوية.

إنّ عزل ونصب المسؤولين وتعيين المسؤوليات تعدّ جزءً من الأحكام الحكومية، وهي تتمتّع بصبغة إجرائية فقط، ومن أجل تحقيق الأحكام الأولية والثانوية في واقع المجتمع الإسلامي.

والملاحظة الجديرة بالالتفات أنّ أصل حقّ الحاكم الإسلامي في وضع الأحكام الحكومية يعدّ من الأحكام الأوّلية، أي أنّ اللَّه تعالى منح الحاكم الإسلامي الحقّ في وضع مقرّرات من خلال الشورى أو بما يتوصّل إليه من تصميم من أجل إجراء الأحكام الإلهية [1].

2. القوانين الثابتة والمتغيّرة وتأثير الزمان والمكان‌

مع أنّ هذا البحث قد تقدّم في هذا الكتاب بشكل وافٍ‌ [2]، لكنّنا نشير هنا إشارة مختصرة لهذه المسألة المهمّة.

لاشكّ في وجود أحكام شرعية ثابتة ودائمية، مثل وجوب الصلاة والصيام والحج والجهاد وأمثال ذلك.

ولكن هناك أحكام أخرى تتغيّر بتغيّر المكان والزمان، أي أنّ الزمان والمكان يغيّران الموضوعات وبالتالي فإنّ الحكم الشرعي يتغيّر تبعاً للموضوع، لأنّ الأحكام تابعة دائماً للموضوعات، فعندما نقول: «الخمر حرام» فهذا الحكم باقٍ مادام موضوع الخمر باقٍ على حاله، ولكن إذا تبدّل الخمر إلى خلّ فإنّه يطهر قطعاً، وبديهيّ أنّ تحريم الخمر لم ينسخ أبداً، بل إنّ الموضوع في هذه المسألة قد تغيّر.

وهكذا في مسألة تأثير الزمان والمكان في تغيير الأحكام، مثلًا كان العلماء يرون حرمة بيع وشراء الدم في السابق، لأنّه لا توجد فيه منفعة محلّلة معتبرة، ولكن في هذا العصر يستفاد من دم الإنسان في إنقاذ المجروحين وغير ذلك، فالموضوع هنا قد تغيّر وأصبحت له منفعة محلّلة معتبرة، ولذلك يجوز بيع وشراء الدم في هذه الصورة.

إنّ الكثير من المسائل المستحدثة في عصرنا الحاضر وفي العصور الآتية، يمكن إيجاد الحلول لها من خلال الأصول الكليّة الواردة في الكتاب والسنّة، ومع الأخذ بنظر الاعتبار تغيير الموضوعات.

إنّ المسائل التي تتّصل بتشريح بدن الإنسان لتحقيق التكامل العلميّ في الطبّ، وكذلك زرع الأعضاء ومسائل المصارف وأنواع الشركات، وأنواع الضمان الاجتماعي وتجارة الالكترونيّات والرحلات الفضائية وأمثالها، كلّها تدور حول محور تلك الأصول الكلّية، ومع الأخذ بنظر الاعتبار تغيّر الموضوعات حسب الزمان والمكان، فحينئذٍ لايوجد فراغ قانونيّ في الشرع الإسلاميّ.


[1]. لمزيد من الاطلاع انظر كتاب أنوار الفقاهة، كتاب البيع، ج 1، ص 536 وكتاب الأصول العامة للفقه المقارن، ص 73 و 74.

[2]. انظر: بحث (دور الزمان والمكان في الاستنباط).

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 208
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست