responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 207

والتعاليم الصادرة من اللَّه تعالى لتنظيم حياة الإنسان المادية أو المعنوية، وله تقسيمات مختلفة، فبعضها لا يرتبط بما نحن فيه‌ [1]، ولكنّ العمدة من هذه التقسيمات ترتبط ببحثنا الحاضر، من قبيل تقسيم الحكم إلى: حكم أوّليّ وثانويّ، وحكم حكومتي:

أ) الحكم الأوّلي‌

إنّ الأحكام الأوّلية عبارة عن الأحكام التي تعلقّت بموضوعات معيّنة مع قطع النظر عن العوارض والحالات الثانوية العارضة على ذلك الموضوع، مثل وجوب الصلاة والصيام والحجّ، أو طهارة ماء الكرّ والجاري، وصحة البيع وبطلان المعاملة الربوية.

ب) الحكم الثانوي‌

إنّ الأحكام الثانوية هي الأحكام التي وضعت من جهة عروض بعض الحالات الخاصّة، من قبيل العسر والحرج والضرر أو المقدّمية التي تفضي إلى وجوب المقدّمة، أو التقيّة التي تعمل على تغيير بعض الأحكام.

ففي مثل هذه الموارد فإنّ الأحكام الثانوية تؤثّر في الأحكام الأوّلية وتعمل على تغيير ذلك الحكم إلى حكم آخر، يقول القرآن الكريم: «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ» [2] ففي هذه الآية نرى رفع حكم تحريم الميتة بسبب الاضطرار.

وكذلك يقول: «لَايَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ‌ ... إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً» [3].

ففي المرتبة الأولى حرّمت الآية على المؤمنين الارتباط مع الكافرين من موقع المحبّة والولاية، ثمّ استثنت التقيّة منها لأهداف أهمّ.

ج) الحكم الحكوميّ‌

إنّ الأحكام الحكومية هي المقرّرات الخاصّة التي يضعها الحاكم الإسلامي لتنفيذ الأحكام الأولية أو الثانوية، من قبيل المقرّرات المتعلّقة بدائرة الجوازات وقيادة السيارات، ونظام الجيش، وأمثالها، حيث إنّها تهدف إلى إيجاد وتحقيق النظام في المجتمع، وهو بدوره من الأحكام الأولية في الإسلام، وهذه الأحكام توضع من قِبل الحكومة الإسلامية وتحت نظر الحاكم الإسلامي. وقد تكون هذه الأحكام في سبيل إجراء الأحكام الأولية من قبيل ما تقدّم آنفاً، أو في صدد إجراء الأحكام الثانوية، مثلًا تناول المخدّرات، (ويعتقد البعض بحرمة استعمال جميع أنواع التدخين) فهو حرام بقاعدة «لا ضرر». فالحكومة الإسلامية ومن أجل تحقيق هذا الحكم ربّما تضع أحكاماً مختلفة في مجال عقوبة المهرّبين للمخدّرات وكيفية التصدّي لهم، وكذلك في مجال التصدّي للمدمنين أيضاً. فهذه الأحكام تعدّ مقدّمة لإجراء الحكم الثانوي بحرمة المخدّرات أو حرمة التدخين، وهي من الأحكام الحكومية.

وعلى هذا الأساس، فلا ينبغي تصوّر أنّ الأحكام الحكومية تقع في عرض الأحكام الأولية والثانوية وأنّ الحكومة الإسلامية لها حقّ التشريع والتقنين كما تشاء لأنّ الشارع المقدّس هو اللَّه فقط، رغم أنّه تعالى قد منح نبيّ الإسلام- في موارد محدودة- حقّ التشريع أيضاً وأمضى‌ تشريعه.


[1]. وردت التقسيمات المختلفة للحكم في هذا الكتاب في بحث «أهمّ‌الاصطلاحات الفقهية».

[2]. سورة البقرة، الآية 173.

[3]. سورة آل عمران، الآية 28.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 207
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست