responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 193

انتهاء العالم أن يعيده مرّة أخرى، بل إنّ هذا العمل من جهة أسهل عليه‌ «وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ» [1]. وهذا في الواقع بمثابة قياس قطعيّ عقليّ في حين أنّ كلامنا في القياسات الظنّية.

وأمّا من جهة الروايات، فأهمّ ما استدلّ به على حجّية القياس، حديث معاذ بن جبل حيث يستفاد منه ليس فقط حجّية القياس الظنّيّ، بل حجّية الاستحسان والمصالح المرسلة، وسدّ الذرائع وفتحها أيضاً.

وقد ورد في هذا الحديث: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله حين بعث معاذ بن جبل إلى اليمن فقال: كيف تصنع إن عرض لك قضاء؟ قال: بما في كتاب اللَّه، قال: فإن لم يكن في كتاب اللَّه؟ قال: فبسنّة رسول اللَّه، قال: فإن لم يكن في سنّة رسول اللَّه؟ قال: اجتهد برأيي ولا آلو» [2].

ووجه الاستدلال بهذه الرواية هو أنّ ظاهر «الإجتهاد بالرأي»، هو تحصيل الحكم الشرعيّ بدون الاستناد إلى الكتاب والسنّة، كما تصرّح به الرواية المذكورة، وهذا النوع من الاجتهاد المطلق والعام ويشمل القياس الظنّي أيضاً.

ويجيب مخالفو القياس عن الاستدلال بهذا الحديث أنّه:

1. إنّ هذه الرواية من حيث السند ضعيفة بوجود «الحارث بن عمرو». لأنّ «البخاري» و «الترمذي» ذكروا أنّه رجل مجهول‌ [3] والكثير من الرجاليين يعدّوه من الضعفاء [4] مضافاً إلى أنّ «الحارث» هذا نقل الحديث عن بعض أهالي «حمص» ولذلك فهذه الرواية مرسلة وغير متّصلة [5].

2. إنّ هذه الرواية معارضة للروايات التي تذمّ الاجتهاد بالرأي، ولا سيّما رواية أخرى عن معاذ عندما أرسله النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله إلى اليمن أنّه قال:

«لمّا بَعثَنى رسولُ اللَّهِ إلى اليَمن قال: «لا تَقْضِيَنّ ولا تَفْصِلَنَّ إلّابما تَعْلَم وإن أشْكَل عليك أمرٌ فَقِف حتّى تُبَيِّنَه أو تَكتُبَ إليَّ فيه» [6].

وفي رواية أخرى عن أبي هريرة، ورد أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال:

«تَعمَلُ هذِه الأمَّةُ بُرهةً بِكِتابِ اللَّه ثمّ تعمَلُ بُرهةً بسُنَّةِ رَسولِ اللَّه ثمّ تعمَلُ بالرّأي؛ فإذا عَمِلوا بالرأي فقد ضَلُّوا وَأضَلُّوا» [7].

2. الاستحسان‌

وهو اصطلاح في أحد مصادر الاجتهاد لدى بعض أهل السنّة، وقد وردت فيه تعاريف مختلفة، فذهب بعض إلى أنّ الاستحسان عبارة عن: الدليل الذي يخطر في ذهن المجتهد ولا يجد له عبارة مناسبة [8]، أو ما يظهر لطبع المجتهد أنّه حسن بدون أن يقوم عليه دليل شرعيّ‌ [9]، وبعض آخر يرى أنّ الاستحسان تخصيص قياسيّ بقياس أقوى‌ [10]، أو تقدم قياس خفيّ على قياس جليّ. وطائفة ثالثة ترى أنّ: الاستحسان عدول من القياس بالدليل الأقوى، والباعث لهذا العدول:

«1. وجود النصّ 2. التسهيل 3. المصلحة 4. الإجماع‌


[1]. سورة الروم، الآية 27.

[2]. مسند أحمد، باب حديث معاذ بن جبل، ج 5، ص 230، ح 21595.

[3]. تهذيب التّهذيب، ج 2، ص 260.

[4]. المصدر السابق.

[5]. ملخص إبطال القياس، ص 14؛ تهذيب التّهذيب، ج 2، ص 260.

[6]. السنن لابن ماجة، ج 1، ص 21، ح 55. سبق أن ذكرنا روايات تطعن في استعمال الرأي. انظر حاشية ملخّص إبطال القياس، ص 15.

[7]. مسند أبي‌يعلى، ج 10، ص 240، ح 5856؛ الجامع الصغير للسيوطى، ج 1، ص 511، ح 3331.

[8]. الإحكام في أصول الأحكام، ج 4، ص 157.

[9]. نسب هذا التعريف في القوانين إلى أهل السنّة.

[10]. المبسوط للسرخسي، ج 10، ص 145.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 193
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست