responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 192

وقد ألّف ابن حزم في هذا المجال كتاباً سمّاه «إبطال القياس».

وقد نسب إلى الحنابلة أنّهم يقولون ببطلان القياس ويشير كلام أحمد بن حنبل إلى هذا المعنى أيضاً، حيث يقول:

«يجتَنِبُ المُتَكلّم في الفِقه هذَين الأصلين: المجمل والقياس» [1]

. ولكنّ البعض قال في توجيه كلامه: إنّ مراده بطلان القياس في مقابل النصّ، وفي هذا العصر فإنّ الوهابيّة الذين يعتبرون أنفسهم من أتباع المذهب الحنبليّ، يعتمدون على القياس في مسائل الدين ويرونه حجّة.

نقد أدلّة حجيّة القسم الرابع من القياس:

إنّ هذا القسم من القياس لا يورث القطع بالحكم الشرعيّ بل يورث الظنّ والاحتمال بالحكم لوجود التشابه بين كلا الموضوعين من جهة واحدة أو عدّة جهات، فإنّه لا يوجد دليل قطعيّ على اشتراكهما في الحكم، والعقل أيضاً في الموارد التي لا يملك فيها حكماً قطعياً مستقلّاً على أساس قواعد الحسن والقبح، ليس له طريق لكشف ملاك الأحكام الشرعية بشكل قطعيّ، وإنّما الشارع فقط هو الذي يعلم بملاكات أحكامه.

وعلى هذا الأساس يجب إقامة دليل على حجّية هذا القسم من أقسام القياس، والأدلّة التي استدلّوا بها على ذلك من القرآن وغيره كالتالي:

1. « «فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِى الْأَبْصَارِ» [2]. تقرّر هذه الآية أنّ «الاعتبار» بمعنى «العبور» من شي‌ء إلى شي‌ء آخر، أو بعبارة أصحّ، أنّه عبور من شبيه إلى شبيهه، والقياس نوع من العبور من حكم «الأصل» إلى حكم «الفرع» وهذا ما تشير إليه الآية وتحثّ المؤمنين عليه.

ولا يخفى ضعف الاستدلال بهذه الآية، لأنّ الاعتبار يعني أخذ العبرة والدرس من الحوادث والوقائع المشابهة، وخاصّة مع الأخذ بنظر الاعتبار أنّ هذه الآية تتحدّث عن مصير الكفّار من أهل الكتاب الذين أوقع اللَّه الرعب في قلوبهم بحيث إنّهم يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين كما تقول الآية، والقرآن هنا يوصي المسلمين بأخذ العبرة من هذه الحادثة، وهذا المطلب لا يرتبط إطلاقاً بالقياس في الأحكام الفرعية للدين‌ [3].

يقول «إبن حزم» في‌ «إبطال القياس»: كيف يمكن أن يأمرنا اللَّه تعالى في هذه الآية بالقياس في الدين، بصورة مبهمة ولا يبيّن أيّ توضيح في كيفية القياس ومن أين يكون؟ وما هو الشي الذي يجب القياس عليه وشروطه وحدوده؟ [4]

2. «... قَالَ مَنْ يُحْىِ الْعِظَامَ وَهِىَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ» [5].

ويقول مؤيّد والقياس في الاستدلال بهذه الآية، أنّ هذه الآية استدلّت بالقياس، لأنّها تدلّ على أنّ الشيئين المتماثلين يتساويان في الحكم لأنّ من ينكر القدرة على إحياء العظام الرميم يوم القيامة، قيل له: إنّ ذلك نظير خلق الإنسان في البداية.

ويقول مخالفو القياس: إنّ هذه الآية ناظرة للقياس في الأمر التكوينيّ القطعيّ، لأنّ العقل يقول: إنّ من كان قادراً على خلق العالم في بداية الأمر، فإنّه يمكنه بعد


[1]. روضة الناظر، ج 2، ص 151.

[2]. سورة الحشر، الآية 2.

[3]. أصول الفقه للمظفّر، ج 2، ص 192.

[4]. ابطال القياس، ص 30.

[5]. سورة يس، الآية 78 و 79.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 192
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست