responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 159

ولكن هذه الروايات، مضافاً إلى ما تقدّم من الكلام عنها، فهي مخالفة للكتاب والسنّة المعتبرة، لأنّ القرآن الكريم كتاب لا يأتيه الباطل كما صرّحت الآية: «لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ» [1]. فهذه الآية تقرّر عدم وجود أيّ باطل في القرآن (ومنه التحريف) في زمان نزوله وفي الأزمنة التالية، سواء من قِبل شخص معيّن أو فئة خاصّة.

وفي مكان آخر يقرّر القرآن هذه الحقيقة: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» [2]. وكذلك ما ورد في حديث الثقلين من وجوب التمسّك بالكتاب إلى يوم القيامة وعدم انفصاله عن العترة إلى حين الورود على الحوض لدى النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله وهو دليل على عدم تحريف القرآن إلى نهاية الدنيا، لأنّه لا يعقل أن يأمر الشارع بوجوب تبعية الناس لكتاب محرّف.

والحقيقة هي أنّ دعوى التحريف تمثّل نقضاً لأحد الأركان الأساسية في الإسلام، وللأسف فإنّ بعض الجهلاء ومن أجل إثارة الخلاف بين المسلمين وإجهاض المحاولات الخيّرة لطلّاب الوحدة الإسلامية يتحرّكون دائماً في ابتغاء الفتنة بين المسلمين، وإحدى المسائل التي يتمسّكون بها هي اتّهام بعض المذاهب الإسلامية بأنّها تعتقد بتحريف القرآن، غافلين عن أنّهم بهذا العمل لا يتمكنون من تقوية منهجهم ودعم أطروحتهم، بل إنّهم يعملون على إضعاف التمسّك بالقرآن من حيث لا يعلمون، وإحياء شبهة التحريف في أذهان المسلمين.

إنّ ما هو مسلّم هو أنّ الأكثرية الساحقة من علماء الفريقين لا يقبلون بمقولة التحريف، ولذلك لا يمكن نسبة القول بالتحريف إلى أيّ مذهب من المذاهب الإسلامية، وهناك جماعة قليلة ممّن يعتقدون بتحريف القرآن، ولا شكّ في أنّ هذه العقيدة، طبقاً لما تقدّمت الإشارة إليه بشكل إجمالي من الأدلّة المتقنة، باطلة ولا أساس لها من الصحة.

وأساساً، كيف يمكن أن تمتّد يد التحريف إلى كتاب كان منذ نزوله يُقرأ باستمرار في جميع المحافل وفي الصلاة وغير الصلاة، وهناك حفظة كثيرون له في كلّ عصر وزمان، وحتّى أنّهم ذكروا أنّ كتبة الوحي عند نزول القرآن كانوا أربعين شخصاً، وتتضمّن آياته جميع ما يحتاج إليه المسلمون من تعاليم وأحكام، وبديهي أنّ احتمال وقوع التحريف في مثل هذا الكتاب أمر غير معقول.

حجيّة نصوص القرآن وظواهره:

تبيّن من البحث السابق أنّ القرآن قطعيّ الصدور، والآن نتكلّم عن دلالة القرآن، ولا شكّ في أنّ آيات القرآن واضحة المعنى وغير مجملة، ولكنّ ذلك لا يعني أنّ جميع آيات القرآن قطعية الدلالة والمعنى، لأنّ القرآن نفسه يقسّم آياته إلى محكمات ومتشابهات:

«مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ» [3].

ويمكن تفسير وتبيين الآيات المتشابهات بالرجوع إلى المحكمات.

والمطلب الآخر أنّ المحكمات بدورها تنقسم إلى قسمين: فهناك نصوص واضحة المعنى إلى حدّ أنّه لا يحتمل وقوع الخلاف في معناها، وهناك نصوص‌


[1]. سورة فصلت، الآية 42.

[2]. سورة الحجر، الآية 9.

[3]. سورة آل عمران، الآية 7.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 159
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست