responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 158

اللَّه، ومن هنا يتبيّن الفارق الأساس بين الروايات والقرآن الكريم، لأنّ الكثير من الروايات والأحاديث لا تمثّل ألفاظ النبيّ والأئمّة عليهم السلام بنفسها بل هي من قبيل النقل بالمعنى حيث أذن الأئمّة لرواة [1] الأحاديث بتغيير الألفاظ والعبارات مع الاحتفاظ بالمعنى، ويتّفق محدّثو الإمامية وفقهاؤهم وأكثر أهل السنة على جواز النقل بالمعنى في دائرة الأحاديث الشريفة، والقليل من علماء أهل السنّة لا يرون جواز ذلك‌ [2].

ولكن بالنسبة للقرآن الكريم فلا يجوز النقل بالمعنى، ولذلك عندما أنزل اللَّه مثلًا الآية الشريفة «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» على النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله، فمع أنّ كلمة

«قل‌»

تمثّل خطاباً خاصّاً بالنبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله، ولكنّ النبيّ لم يحذف هذه الكلمة عندما كان يتلو هذه الآية على الناس، بل بلّغها للناس كما نزلت عليه، أو مثلًا عندما تقول الآية: «لِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى‌ وَمَنْ حَوْلَهَا» [3] بدون حرف «واو» وفي مكان آخر جاءت: «وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى‌ وَمَنْ حَوْلَهَا» [4] مع ال «واو» فإنّ النبيّ الأكرم بلّغ هاتين الآيتين بأمانة وبدون تغيير.

وهناك أدلّة وشواهد كثيرة في علم الكلام والعلوم القرآنية بالنسبة لحقّانية القرآن الكريم، والحقّانية هنا بمعنى أنّ القرآن الموجود بين يدي المسلمين هو القرآن النازل على النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله. وهذا المطلب يمكن إثباته تارة من خلال وجوه إعجاز القرآن المختلفة، وأخرى من طريق تواتر القرآن في جميع العصور والأجيال البشرية منذ صدر الإسلام ولحدّ الآن.

وقد ذكر المرحوم البلاغي 12 وجهاً من وجوه الإعجاز في القرآن، [5] وذكر صاحب‌ «مناهل العرفان» أربعة عشر وجهاً منها [6]، وأخيراً فإنّ بعض العلماء كالسيوطي في كتابه‌ «معترك الأقران» أوصل وجوه إعجاز القرآن إلى 35 وجهاً [7].

عدم إمكان تحريف القرآن:

ويعتقد المحقّقون الإسلاميون، سواء من الشيعة أو من أهل السنّة، أنّ القرآن الكريم لم يتعرّض للتحريف لا في زمان نزوله ولا في العصور المتأخرة، إلى العصر الحاضر، وما يوجد بين أيدينا هو ذلك القرآن النازل على النبيّ الأكرم، وأنّ احتمال تحريف القرآن بسبب بعض الشبهات، لا أساس له. (والمراد من التحريف هو حذف أو إضافة أو تبديل آيات القرآن الموجودة فعلًا بالنسبة للقرآن الواقعي).

وبالنسبة لمقولة التحريف، فقد نقلت روايات فيما يتّصل بهذا المعنى، بعضها ضعيف والبعض الآخر يراد من التحريف فيها التحريف المعنوي، والمراد من التحريف في بعضها مايتضمّن تفسير الكلمات والعبارات القرآنية [8].

وقد توهمّ البعض أنّ هذه الروايات واردة فقط في بعض كتب الشيعة، في حين أنّ مثل هذه الروايات موجودة في كتب الإخوة من أهل السنّة أيضاً [9].


[1]. الفوائد الحائرية للوحيد البهبهاني، ص 284.

[2]. معالم الدين، ص 203.

[3]. سورة الشورى، الآية 7.

[4]. سورة الأنعام، الآية 92.

[5]. آلاء الرحمن، ج 1، ص 33- 48.

[6]. مناهل العرفان، ج 2، ص 574 وما بعده.

[7]. معترك الاقران، ج 1، من الأول إلى الأخير.

[8]. طالعوا التوضيح الكامل في هذا الصدد في كتاب أنوارالاصول، ج 2، ص 340.

[9]. مسند أحمد، ج 1، ص 394؛ صحيح الترمذي، ج 5، ص 191.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 158
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست